بِالْقربِ مِنْهُ قَرْيَة، فَقَامَ يمشي إِلَيْهَا، كَيفَ أعمل؟ فَاتَنِي سلبه، وَأَقْبل يمشي يطْلب أثري.
قَالَ: فخالفته إِلَى بَاب الدَّيْر، وحصلت دَاخله، وَقد مَشى هُوَ من ذَلِك الْمَكَان يطلبني حول الدَّيْر، فحصلت أَنا خلف بَاب الدَّيْر، وَقد كَانَ فِي وسطي سكين، فوقفت خلف الْبَاب، فَطَافَ الراهب، وَلم يبعد.
فَلَمَّا لم يقف لي على خبر؛ عَاد وَدخل، فحين بَدَأَ ليرد الْبَاب، وَخفت أَن يراني؛ ثرت عَلَيْهِ، ووجأته بالسكين، فصرعته، وذبحته.
وأغلقت بَاب الدَّيْر، وصعدت إِلَى الغرفة، فاصطليت بِنَار موقودة هُنَاكَ، هُنَاكَ، ودفئت، وخلعت عني تِلْكَ الثِّيَاب، وَفتحت خرجي، فَلبِست مِنْهُ ثيابًا جافة، وَأخذت كسَاء الراهب، فَنمت فِيهِ، فَمَا أَفَقْت إِلَى قريب من الْعَصْر.
ثمَّ انْتَبَهت وَأَنا سَالم، غير مُنكر شَيْئا من نَفسِي، فطفت بالدير، حَتَّى وقفت على طَعَام، فَأكلت مِنْهُ، وسكنت نَفسِي.
وَوَقعت مَفَاتِيح بيُوت الْحصن فِي يَدي، فَأَقْبَلت أفتح بَيْتا بَيْتا، فَإِذا بِمَال عَظِيم من عين، وورق، وَثيَاب، وآلات، ورحال قوم، وأخراجهم.
وَإِذا تِلْكَ عَادَة الراهب كَانَت مَعَ كل من يجتاز بِهِ وحيدا، ويتمكن مِنْهُ، فَلم أدر كَيفَ أعمل فِي نقل المَال، وَمَا وجدته.
فَلَيْسَتْ ثِيَاب الراهب، وأقمت فِي مَوْضِعه أَيَّامًا، أتراءى لمن يجتاز بالموضع من بعيد، فَلَا يَشكونَ أنني هُوَ، وَإِذا قربوا مني لم أبرز بهم وَجْهي، إِلَى أَن خَفِي خبري.
ثمَّ نزعت تِلْكَ الثِّيَاب، ولبست من بعض ثِيَابِي، وَأخذت جواليق، فملأتها
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute