وهم يصطادون النَّاس، وَلَا يعْرفُونَ غير ذَلِك.
وَالْوَاحد مِنْهُم يتبع التُّجَّار الَّذين يطرءون إِلَيْهِم من الْمُسلمين والذمة، فَإِذا رأى الْوَاحِد مِنْهُم الْوَاحِد من التُّجَّار فِي طَرِيق خَال؛ قبض عَلَيْهِ، فَلَا يُمكن لأحد من النَّاس أَن يخلصه؛ لعلمهم أَنه إِذا اسْتَغَاثَ، أَو نطق، قَتله الْهِنْدِيّ، وَقتل نَفسه فِي الْحَال، لَا يُبَالِي بذلك؛ لاعتقادهم الْمَشْهُور فِي أَمر الْقَتْل، ويراهم النَّاس قد أخلوا الرجل، فَلَا يتعرضون لتخليصه؛ لِئَلَّا يقْتله.
وَيَقُول لَهُم الرجل الْمَأْخُوذ: اللهَ اللهَ، إِن عارضتموه، فَلَا يُمكن لسلطان، وَلَا غَيره، انْتِزَاعه مِنْهُم فِي تِلْكَ الْحَال؛ لِئَلَّا يعجل بقتْله.
قَالَ: فَأخْبر رجل بِالْهِنْدِ، أَن رجلا من البانوانية قبض فِي طَرِيق سَفَره، على رجل لقِيه من التُّجَّار.
فَقَالَ لَهُ: اشْتَرِ نَفسك مني، فتوافقا على أَن يَشْتَرِي نَفسه مِنْهُ بِأَلف دِرْهَم.
فَقَالَ لَهُ التَّاجِر: تعلم أَنِّي خرجت وَلَا شَيْء معي، وَمَالِي فِي الْبَلَد، فَتَصِير معي إِلَى دَاري فَإِنَّهَا قريبَة؛ لأؤدي لَك ذَلِك.
فَأَجَابَهُ، وَقبض عَلَيْهِ بِيَدِهِ، فَلم يزل يمشي مَعَه، فاجتازا فِي طريقهما فِي سكَّة مِنْهَا، فسلكا فِيهَا.
فحين حصلا فِيهَا، فكر التَّاجِر فِي حِيلَة للخلاص، وَكَانَ قد عرف مَذْهَب أهل الْهِنْد فِي الجناذية، فَلم يزل يمشي مَعَه حَتَّى رَأيا بَابا مَفْتُوحًا من دور الجناذية، فجذب يَده جذبة شَدِيدَة من البانواني، وسعى، فَدخل دَار الجناذي.
فَقَالَ لَهُ: مَا لَك؟ قَالَ: أَنا مستجير بك من يَد بانواني، قد صادني فهربت مِنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute