فَقَالَ: لَا بَأْس عَلَيْك، فاجلس.
فصاح البانواني، يَا جناذي، اخْرُج إِلَيّ، وهم لَا يدْخلُونَ بيُوت الجناذية أصلا؛ لاستقذراهم إيَّاهُم.
قَالَ: فَخرج، فَوقف، وَبَينهمَا عرض الطَّرِيق لَا يجوز أَن يدنو أحد من صَاحبه.
فَقَالَ البانواني: أَعْطِنِي صَاحِبي.
فَقَالَ لَهُ الجناذي: قد استجار بِي، فتهبه لي.
قَالَ: لَا أفعل، هَذَا رِزْقِي، وَإِن لم تعطنيه؛ لم نَدع من الجناذية وَاحِدًا إِلَّا قَتَلْنَاهُ.
فطال بَينهمَا الْكَلَام، إِلَّا أَن قَالَ لَهُ الجناذي: أسلمه إِلَيْك فِي الصَّحرَاء، فَامْضِ واسبقني إِلَى الْموضع الْفُلَانِيّ.
قَالَ: فَمضى البانواني، وَدخل الجناذي إِلَى الرجل، فَقَالَ لَهُ: أخرج معي السَّاعَة، وَلَا بَأْس عَلَيْك، وَأخذ الجناذي قوسه وَخَمْسَة سِهَام، قَالَ: وسهامهم من قصب.
فعلق الْمُسلم بكم الجناذي، ولصق بِهِ؛ علما مِنْهُ بِأَن البانواني لَا يدنو مِنْهُ.
فَلَمَّا صَارُوا فِي الصَّحرَاء؛ قَالَ لَهُ الجناذي: تهبه لي، وأجتهد بِهِ، فَلم يفعل.
قَالَ: فَإِنِّي لَا أسلمه إِلَيْك، حَتَّى لَا يبْقى معي شَيْء من السِّلَاح.
قَالَ: فشأنك، ففوق نَحوه سَهْما، فحين أطلقهُ؛ تَلقاهُ البانواني بحربي كَانَ مَعَه، وَالْحَرْبِيّ آلَة من السِّلَاح عِنْدهم مَعْرُوفَة، فَاعْترضَ السهْم بِهِ، فَقَطعه نِصْفَيْنِ، وَسلم مِنْهُ.
فتحير الجناذي، فَلم يزل يرميه بنشابة بعد أُخْرَى، إِلَى أَن ذهب النشاب،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute