بِمِائَتي ألف دِينَار، فأديت أَكْثَرهَا من غير أَن أبيع شَيْئا من أملاكي الظَّاهِرَة.
فَلَمَّا قاربت وفاءها، استحضرني أَحْمد بن عَليّ الْكُوفِي كَاتبه وَكَانَت لَهُ مُرُوءَة، وَأخذ يخاطبني بِكَلَام طَوِيل، هُوَ تقدمة واعتذار لشَيْء يُرِيد أَن يخاطبني بِهِ.
فَقلت لَهُ: يَا سَيِّدي مَا تُرِيدُ؟ وَمَا بك حَاجَة إِلَى التَّسَبُّب، فَإِنِّي بمودتك واثق.
فَقَالَ: إِن هَذَا الرجل، يَعْنِي بجكم، قد رَجَعَ عَلَيْك فِي صلحك، وطمع فِيك، وطالبني أَن آخذ مِنْك مِائَتي ألف دِينَار أُخْرَى، وَوَاللَّه، مَا هَذَا عَن رَأْيِي، وَلَا لي فِيهِ مدْخل، وَلَا هُوَ من فعلي وَلَو قدرت على إِزَالَته عَنْك لفَعَلت.
قَالَ: فَأخذت أَحْلف لَهُ أَنِّي لَا أهتدي إِلَيْهَا، وَلَا إِلَى عشرهَا، وَأَن النكبة قد استنفدت مَالِي، وَلم يبْق لي شَيْء، إِلَّا دَاري، وضيعتي، وَأَنا أسميهما، وَلَا أكتم شَيْئا مِنْهُمَا، وَأخرج لَهُ عَنْهُمَا، ليهب لي روحي.
قَالَ: فطال الْخطاب بَيْننَا، فَلَمَّا قَامَ فِي نَفسه صدقي، فكر طَويلا.
ثمَّ قَالَ: يَا سَيِّدي، هَذَا رجل أعجمي، وَعِنْده أَن وَرَاءَك أَضْعَاف هَذَا المَال، وَأَن فِيك من الْفضل مَا يصلح لقلب دولته عَلَيْهِ، وَأَنت، وَالله، مَعَه فِي طَرِيق الْقَتْل، إِلَّا أَن يَكْفِيك الله عز وَجل، وَوَاللَّه، مَا أحب أَن يجْرِي مثل هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute