للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقل لَهُم أَن يخرجُوا، وَلَا يعملوا مَا كنت قلت لَهُم.

فَمضى الْغُلَام، وَفتح الْبَاب عَلَيْهِم، وَقَالَ: اخْرُجُوا، وَلَا تحدثُوا على الْقَوْم حَادِثَة، فَخرج الْقَوْم بِالسِّلَاحِ.

فَقلت: هَؤُلَاءِ أعددتهم لدفعكما عَن نَفسِي، إِن رمتما قسري على مَا لَا أوثره.

قَالَ: فَمَاتَ الترجمان فِي جلده، واصفر وتحير.

فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر: أَنْت تظن أَنَّك بِالْجَبَلِ، وَلَيْسَ تعلم بَين يَدي من أَنْت الْآن؟ عرفت أَن الرَّأْي كَانَ فِي يَدي، لَا فِي يدك؟ وَالله، لَو زِدْت فِي الْمَعْنى، لخرج هَؤُلَاءِ فَأخذُوا رَأسك ورأسي.

فَقلت: معَاذ الله، وَلَكِن كَانُوا يمنعوكما من أذاي.

ثمَّ قلت للغلمان: كونُوا مَعَهُمَا، إِلَى أَن يخرجَا، وتغلقوا الْأَبْوَاب خلفهمَا، فَفَعَلُوا.

وَقمت فِي الْحَال فَلبِست خفًا وإزارًا على صُورَة النِّسَاء، واستصحبت جمَاعَة من عَجَائِز دَاري، وَخرجت مَعَهُنَّ من بَاب من تِلْكَ الْأَبْوَاب الْخفية، متحيرًا، لَا أَدْرِي أَيْن أقصد.

فقصدت عدَّة مَوَاضِع، كلما قصدت موضعا، علمت أَنه لَا يحملني، فأتجاوزه، إِلَى أَن كدني الْمَشْي، وَقربت من الرصافة، فَعَن لي أَن أقصد خَالَة المقتدر، وأطرح نَفسِي عَلَيْهَا.

فصرفت جَمِيع من كَانَ معي، إِلَّا وَاحِدَة، وقصدت دَار الْخَالَة، وَدخلت دهليزها.

<<  <  ج: ص:  >  >>