فراجعني، وراجعته، إِلَى أَن قَالَ: لَا بُد من خُرُوجك.
فَقلت: إِنِّي لَا أخرج.
فَقَالَ: تخرج طَائِعا أَو كَارِهًا.
فَجَلَست، وَظهر فِي أثر الاحتداد مَعَ الْقُدْرَة، وَقلت: إِنِّي لَا أخرج، وَلَا كَرَامَة لَك، فاجهد جهدك، وَذَهَبت لأصيح بالغلمان.
وَكَانَ أَبُو بكر النَّقِيب خبيثًا، فَقَالَ: أسأَل سيدنَا بِاللَّه الْعَظِيم أَن لَا يتَكَلَّم بِحرف، ويدعني وَهَذَا الْأَمر.
ثمَّ أَخذ بيد الترجمان وقاما إِلَى نَاحيَة فِي الْمجْلس بعيدَة، لَا أسمع مَا يجْرِي بَينهمَا، فأطالا السرَار، ثمَّ جَاءَا إِلَيّ.
فَأخذ أَبُو بكر يعْتَذر إِلَيّ مِمَّا جرى، ويخاطبني باللين، وَيَقُول: فَبعد كم يخرج سيدنَا؟ حَتَّى نقتنع بوعده، وننصرف.
فَقلت: بعد عشرَة أَيَّام.
فَقَالَ: قد رَضِينَا.
فَأخذ الترجمان ينزق عَليّ فِي الْكَلَام، وَأَبُو بكر يغمزه، ويرفق بِهِ.
فَلَمَّا بلغا إِلَى قريب من الدهليز، رَجَعَ أَبُو بكر، وجر الترجمان، مَعَه وَقَالَ: هَذَا لَيْسَ يعرفك حق معرفتك، وَعِنْده أَنه يقدر يَسْتَوْفِي عَلَيْك الْحجَّة، فبالله إِلَّا مَا عَرفته مَا كَانَ فِي نَفسك أَن تعمله بِنَا، لَو اسْتَوْفَيْنَا عَلَيْك الْمُطَالبَة، لِئَلَّا أقع فِي مَكْرُوه مَعَه وَمَعَ الْأَمِير.
فَقلت فِي نَفسِي: أَنا أُرِيد الْهَرَب السَّاعَة، فَمَا معنى مساترتي لَهما مَا أردْت أَن أَفعلهُ، وَلم لَا أظهره ليَكُون أهيب فِي نفوسهما؟ فَقلت للغلام الَّذِي كَانَ وَاقِفًا على رَأْسِي بِلَا سلَاح: امْضِ إِلَى أَصْحَابنَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute