ثمَّ تقدّمت إِلَى غُلَام لي كَانَ وَاقِفًا بِلَا سلَاح، أَن يفتح الْبَاب، ويدخلهما، فَفعل ذَلِك.
وألقيت نَفسِي على الْفراش كَأَنِّي عليل، ودخلا، فَلم أوفهما الْحق، وأخفيت كَلَامي، كَمَا يفعل العليل.
فَقَالَا: أيش خبرك؟ فَقلت: أَنا مُنْذُ أَيَّام عليل، وارتعت بحضوركما.
فَأخذ الترجمان يحلف أَنه مَا حضر إِلَّا ليردني إِلَى منزلتي، واستكتابي لبجكم، فشكرته على ذَلِك.
وَقلت: أَنا تائب من التَّصَرُّف، وَلَا أصلح لَهُ.
فَقَالَ: قد أَمرنِي الْأَمِير بمخاطبتك فِي الْخُرُوج إِلَيْهِ، إِلَى وَاسِط، لتقرير هَذَا الْأَمر، وَلَا يجوز أَن أكتب إِلَيْهِ بِمثل هَذَا عَنْك، وَلَكِن إِذا كنت زاهدًا فِي الْحَقِيقَة، فَاخْرُج إِلَيْهِ، وأحدث بخدمته عهدا، واستعفه، فَإِنَّهُ لَا يجبرك.
فَقلت: هَل كاتبني بِشَيْء توصله إِلَيّ.
فَقَالَ: لَا، وَلكنه اقْتصر على مَا كتب بِهِ إِلَيّ، لعلمه بمودتي لَك، وَلِئَلَّا يفشو الْخَبَر.
فَقلت: تقفني على كِتَابه إِلَيْك.
فَقَالَ: لم أحملهُ معي.
فَعلمت أَنه قد كُوتِبَ بِالْقَبْضِ عَليّ، وَأَنه يتَوَصَّل بالحيلة لتحصيلي.
فَقلت: أَنا عليل كَمَا ترى، وَلَا فضل فِي للسَّفر، وَلَكِن تجيب الْأَمِير أَطَالَ الله بَقَاءَهُ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة، وَأَنِّي أخرج بعد أُسْبُوع، إِذا استقللت قَلِيلا.
فَقَالَ: يقبح هَذَا، وَالْوَجْه أَن تخرج.
فَقلت: لَا أقدر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute