للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمصْر، وجذبه إِلَى حَضرته، فتحاكما إِلَيْهِ.

فَقَالَ: إِنِّي لما كنت اشْتَدَّ بِي أَمْرِي الَّذِي تعرفه، وَمَنَعَنِي فقري من اتِّخَاذ الناكة بِمصْر، عدلت إِلَى الْموضع الْفُلَانِيّ، فَعمِلت كَذَا، وقص عَلَيْهِ الْقِصَّة، فجَاء هَذَا، وصنع، وقص عَلَيْهِ الْقِصَّة، وَشرح لَهُ أمره، فَإِن رَأَيْت أَن تحكم بيني وَبَينه، فاحكم.

فَحكم ابْن العجمي للْأولِ، وَمنع الثَّانِي من الْمقَام، وَقَالَ لَهُ: لَيْسَ لَك أَن تفْسد عَلَيْهِ عمله وناحيته، فاطلب لنَفسك موضعا آخر.

فَكيف يُمكن للناضري، أيد الله مَوْلَانَا الْأَمِير، أَن يَسْتَغْنِي بِثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم أمرت لَهُ بهَا فِي بلد هَذِه عزة الناكة فِيهِ، وَكَثْرَة البغائين؟ هَذَا لَو كَانَ مُقيما، فَكيف وَقد أَنْعَمت عَلَيْهِ بِالْإِذْنِ فِي الْمسير، وَيحْتَاج إِلَى بغال يركبهَا فِي الطَّرِيق بِأُجْرَة، وَنَفَقَة، وديون عَلَيْهِ يَقْضِيهَا، ومؤن.

قَالَ: فَضَحِك ضحكًا شَدِيدا من حِكَايَة البغائين، وَحكم ابْن العجمي بَينهمَا، وَكَانَ هَذَا من مشهوري كُتّاب مصر.

قَالَ: فاجعلوها خَمْسَة آلَاف دِرْهَم.

قَالَ: فَقلت أَنا والأسمر: فَيَعُود الرجل، أَطَالَ الله بَقَاء مَوْلَانَا الْأَمِير، وَقد أنفقها فِي الطَّرِيق، إِلَى سوء المنقلب؟ وَكَانَ يُعجبهُ أَن يماكس فِي الْجُود، فيجود مَعَ الْمَسْأَلَة، بِأَكْثَرَ مِمَّا يؤمل مِنْهُ، وَلَكِن مَعَ السُّؤَال، وَالدُّخُول عَلَيْهِ مدْخل المزاح فِي ذَلِك، والطيبة، واقتضاء الْغُرَمَاء بَعضهم لبَعض فِي ذَلِك، وَمَا شابهه.

فَقَالَ: قد طولتم عَليّ فِي أَمر هَذَا الْفَاعِل الصَّانِع، أطْلقُوا لَهُ عَن

<<  <  ج: ص:  >  >>