للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَضَحكت، وَالله، الْمَرْأَة، حَتَّى كَادَت تقهقه، وبدا لَهَا ثغر، مَا رَأَيْت أحسن مِنْهُ قطّ.

وَقَالَت: أَي بنت عَم، أَي شَيْء أعْجبك من حسن صنع الله بِي على ذَلِك الْفِعْل، حَتَّى أردْت أَن تتأسي بِي، وَالله، لقد فعلت بنساء أهل بَيْتك، مَا فعلت، فأسلمني الله إِلَيْك جائعة، ذليلة، عُرْيَانَة، فَكَانَ هَذَا مِقْدَار شكرك لله تَعَالَى على مَا أولاك فِي، ثمَّ قَالَت: السَّلَام عَلَيْكُم.

ثمَّ ولت خَارِجَة تمشي خلاف المشية الَّتِي دخلت بهَا.

فَقلت للخيزران: إِنَّهَا مخبأة من الله عز وَجل، وهدية مِنْهُ إِلَيْنَا، وَوَاللَّه، يَا خيزران، لَا يتَوَلَّى إخْرَاجهَا مِمَّا هِيَ فِيهِ أحد غَيْرِي.

ثمَّ نهضت على أَثَرهَا، فَلَمَّا أحست بِي أسرعت، وأسرعت خلفهَا، حَتَّى وافيتها عِنْد السّتْر، ولحقتني الخيزران، فتعلقت بهَا.

وَقلت: يَا أُخْت، المعذرة إِلَى الله، عز وَجل، وَإِلَيْك، فَإِنِّي ذكرت، بمكانك، مَا نالنا من الْمُصِيبَة بصاحبنا، فَكَانَ مني مَا وددت أَنِّي غفلت عَنهُ، وَلم أملك نَفسِي.

وَأَرَدْت معانقتها، فَوضعت يَدهَا فِي صَدْرِي، وَقَالَت: لَا تفعلي، يَا أُخْت، فَإِنِّي على حَال، أصونك من الدنو مِنْهَا.

فرددناها، وَقلت للجواري: ادخلن مَعهَا الْحمام.

وَقلت للمواشط: اذهبن مَعهَا، حَتَّى تصلحن حفافها، وَمَا تحْتَاج إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>