إِصْلَاحه من وَجههَا.
فمضت، ومضين مَعهَا، ودعونا بكرسي، وَجَلَسْنَا أَنا والخيزران عَلَيْهِ، فِي صحن الدَّار، نَنْتَظِر خُرُوجهَا.
فَخرجت إِلَيْنَا إِحْدَى المواشط وَهِي تضحك.
فَقلت لَهَا: مَا يضحكك؟ فَقَالَت: يَا ستي، إِنَّا لنرى من هَذِه الْمَرْأَة عجبا.
فَقلت: وَمَا هُوَ؟ فَقَالَت: نَحن مَعهَا فِي انتهار، وزجر، وخصومة، مَا تفعلين أَنْت، وَلَا ستنا، مثله إِذا خدمناكما.
فَقلت للخيزران: حَتَّى تعلمين، وَالله، يَا أُخْتِي أَنَّهَا حرَّة رئيسة، والحرة لَا تحتشم من الْأَحْرَار.
وَخرجت إِلَيْنَا جَارِيَة أعلمتنا أَنَّهَا قد خرجت من الْحمام، فوجهت إِلَيْهَا الخيزران أَصْنَاف الْخلْع، فتخيرت مِنْهَا مَا لبسته، وبعثنا إِلَيْهَا بِطيب كثير، فتطيبت، ثمَّ خرجت إِلَيْنَا.
فقمنا جَمِيعًا، فعانقناها، فَقَالَت: الْآن، نعم.
ثمَّ جِئْنَا إِلَى الْموضع الَّذِي يجلس فِيهِ أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمهْدي، فأقعدناها فِيهِ.
ثمَّ قَالَت الخيزران: إِن غداءنا قد تَأَخّر، فَهَل لَك فِي الطَّعَام؟ فَقَالَت: وَالله مَا فيكُن من هِيَ أحْوج إِلَيْهِ مني.
فدعونا بِالطَّعَامِ، فَجعلت تَأْكُل، وتضع بَين أَيْدِينَا، حَتَّى كَأَنَّهَا فِي منزلهَا.
فَلَمَّا فَرغْنَا من الْأكل، قَالَت لَهَا الخيزران: من لَك مِمَّن تعنين بِهِ؟ قَالَت؛ مَا لي وَرَاء هَذَا الْحَائِط أحد من خلق الله تَعَالَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute