فَأكل بأطراف أَصَابِعه، وَلم يخرج يَده من كمه.
فَلَمَّا كَانَ فِي غَد، قَالَ عَليّ بن خلف لحاشيته: ليدعه كل يَوْم وَاحِد مِنْكُم، فَكَانُوا يَدعُونَهُ، وَيدعونَ بَعضهم بَعْضًا، فَكَانَت صورته فِي الْأكل وَاحِدَة.
فَقَالُوا: لَعَلَّ بِهِ برصًا أَو جذامًا.
إِلَى أَن بلغت النّوبَة إِلَيّ، فدعوته، ودعوت الْحَاشِيَة، وَجَلَسْنَا نَأْكُل، وَهُوَ يَأْكُل مَعنا على هَذِه الصُّورَة، فَسَأَلته إِخْرَاج يَده والانبساط فِي الْأكل، فَامْتنعَ عَن إِخْرَاج يَده.
فَقلت لَهُ: يلحقك تنغيص بِالْأَكْلِ هَكَذَا، فأخرجها على أَي شَيْء كَانَ بهَا، فَإنَّا نرضى بِهِ.
قَالَ: فكشفها، فَإِذا فِيهَا وَفِي ذراعه أَكثر من خمسين ضَرْبَة، بَعْضهَا مندمل، وَبَعضهَا فِيهِ بَقِيَّة، وَعَلَيْهَا أدوية، وَهِي على أقبح منظر.
فَأكل مَعنا غير محتشم، وَقدم الشَّرَاب فشربنا، فَلَمَّا أَخذ مِنْهُ الشَّرَاب، سألناه عَن سَبَب تِلْكَ الضربات.
فَقَالَ: هُوَ أَمر طريف أَخَاف أَن لَا أصدق فِيهِ.
فَقلت: لَا بُد أَن تتفضل بذلك.
فَقَالَ: كنت عَام أول قَائِما بِحَضْرَة الْوَزير، فَسلم إِلَيّ كتابا إِلَى عَامل دمشق، ومنشورًا، وَأَمرَنِي بالشخوص إِلَيْهِ، وإرهاقه بالمطالبة بِحمْل الْأَمْوَال، ورسم لي أَن أخرج على طَرِيق السماوة لأتعجل، وَكتب إِلَى عَامل هيت بإنفاذي مَعَ خفارة.
فَلَمَّا حصلت بهيت، استدعى الْعَامِل جمَاعَة من عدَّة من أَحيَاء الْعَرَب،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute