للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقلت: مَا أحب تعريضك لهَذَا، وَقد صَار لي بِتَلف ذَلِك الحواء حَدِيث.

فَقَالَ: إِن ذَلِك الحواء كَانَ أخي، وَأَنا أُرِيد أَن آخذ بثأره، وأريح النَّاس من هَذَا الملعون، أَو اللحاق بأخي.

قلت: فَتشهد على نَفسك أهل الْأَنْهَار الْمُجَاورَة، أَن هَذَا باختيارك، لَا بِمَسْأَلَة مني، فَفعل، وأريته الْبُسْتَان.

فَقَالَ: أُرِيد شَيْئا آكله، فجئناه بِطَعَام فَأكل، ثمَّ أخرج دهنًا كَانَ مَعَه، فطلى بِهِ جَمِيع بدنه.

وَقَالَ لغلام كَانَ مَعَه: انْظُر هَل بَقِي مَوضِع من غير مَا أطليه؟ فَقَالَ لَهُ الْغُلَام: لَا.

فَجَلَست أَنا فَوق السَّطْح الَّذِي فِي دَاري، أنظر مَا يفعل، فَأخْرج دخنة فبخر بهَا، فَمَا كَانَ بأسرع من أَن ظهر الأفعى كَأَنَّهُ دن أسود.

فحين قرب من الحواء هرب، فَتَبِعَهُ الحواء، فَلحقه وَقبض عَلَيْهِ.

فَالْتَفت الأفعى فعض يَده، فَتَركه الحواء فَأَفلَت، وَذهب عَلَيْهِ أمره، فجئناه وحملناه، فَمَاتَ فِي اللَّيْل.

وانقلبت النَّاحِيَة بِحَدِيث الأفعى.

وَمضى على هَذَا مُدَّة، فجَاء رجل يشبه الرجلَيْن، وسألني عَمَّا سَأَلَني عَنهُ الأخوان، فَأَخْبَرته بالْخبر.

فَقَالَ: الرّجلَانِ أخواي، وَلَا بُد لي من الْأَخْذ بثأرهما، أَو اللحاق بهما.

قَالَ: فأشهدت عَلَيْهِ، وأريته الْموضع، وصعدت بِهِ السَّطْح، فَأكل وَشرب أقداحًا كَثِيرَة، وَأخرج دهنًا كَانَ مَعَه، وطلى بِهِ دفعات كَثِيرَة كل بدنه، وكل مرّة يسْأَل غُلَامه.

فَيَقُول: هَل بَقِي مَوضِع لَا دهن فِيهِ؟ فَيَقُول لَهُ الْغُلَام: لَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>