فَيَقُول للغلام: أعد الطلاء عَليّ، فيعيده الْغُلَام.
حَتَّى لم يبْق فِي جسده مَوضِع إِلَّا وَقد طلاه، وَأعَاد الطلاء ثَلَاث مَرَّات، وَصَارَ الدّهن ينقط من بدنه.
وبخر بدخنة، فَخرج الأفعى، فَطَلَبه الحواء وَأخذ يحاربه، وتمكنت يَد الحواء من قَفاهُ، فانثنى عَلَيْهِ فعض إبهامه.
وبادر الحواء فخرم فَاه، وَجعله فِي سلة، وَأخرج سكينًا مَعَه فَقطع إِبْهَام نَفسه، وأغلى زيتًا وكواها بِهِ، وخر كالتالف.
فحملناه إِلَى الْقرْيَة، فَإِذا بصبي من غلماني قد جَاءَ وَمَعَهُ ليمونة، وَكَانَ الليمون إِذْ ذَاك قَلِيلا بِالْبَصْرَةِ جدا، وَعِنْدِي مِنْهُ شَجَرَة وَاحِدَة.
فحين رأى الحواء الليمون، قَالَ: هَذَا يَا سَيِّدي عنْدكُمْ مَوْجُود؟ قلت: نعم.
قَالَ: أَغِثْنِي بِكُل مَا تقدر عَلَيْهِ مِنْهُ، فَإنَّا نعرفه فِي بلدنا يقوم مقَام الدرياق.
فَقلت: أَيْن بلدك؟ قَالَ: عمان.
فَأَتَيْته بِكُل مَا كَانَ عِنْدِي مِنْهُ، فَأقبل يعضه ويسرع فِي أكله، وَعمد إِلَى بعضه فاستخرج مَاءَهُ، وَأَقْبل يتحسى مِنْهُ، ويطلي بِهِ الْموضع، وَأصْبح من غَد وَهُوَ صَالح.
فَسَأَلته عَن خَبره، فَقَالَ: مَا خلصني بعد الله عز وَجل، إِلَّا مَاء الليمون، وأظن أَن أخوي لَو اتّفق لَهما تنَاوله مَا تلفا.
قلت: فَذَلِك الدّهن الَّذِي انطليت مِنْهُ، مَا هُوَ؟ قَالَ: الطلق، الَّذِي إِذا طرح مَعَه النَّار على الْجِسْم حِين لَا يكون فِيهِ خلل، مَا ضرت النَّار الْجِسْم، وَأما تلف إخْوَانِي، فَلِأَن بعض أبدانهم خلا من الطلاء، أَو جف عَنهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute