فَإِذا صَار الْجمل وَحمله مَعَ مَا فِيهِ من المَال عِنْدِي، فَالْمَال لَك.
فكتبنا كتابا بذلك، وأشهدنا عَلَيْهِ، وأعطيتهم دَابَّتي ورحلي، ثمَّ أخذت سَيْفا، وجحفةً، وشمعةً مشتعلة، ورمت النُّزُول إِلَى الْوَادي.
فَرَأَيْت منزلا غرني، فاستعجلت سلوكه، فَنزلت سَاعَة، حَتَّى صرت على جَانب من الْوَادي مشجر، فَإِذا فِيهِ أثر الرُّعَاة وَالْغنم، ثمَّ لم أجد طَرِيقا إِلَى أَسْفَل، وَكَانَ سبيلي أَن أرجع، وأرتاد النُّزُول من جِهَة أُخْرَى.
فَحَمَلَنِي ضيق الْوَقْت، والحرص على الدَّنَانِير، أَن جعلت أتوغل، وَأَنْتَقِلَ من شَجَرَة إِلَى شَجَرَة، وَمن حجر إِلَى حجر، حَتَّى حصلت فِي جنب الْوَادي على صَخْرَة ملساء بارزة كالرف، لَيْسَ لَهَا إِلَى أَسْفَل طَرِيق أَلْبَتَّة.
فاطلعت بالشمعة، فَإِذا بيني وَبَين الْقَرار عشرُون ذِرَاعا، وَفِي أَسْفَل الْوَادي بردي كثيف يجْرِي بَينه المَاء، وَله خرير شَدِيد.
فأجمعت على أَن ألقِي نَفسِي، فأطفأت الشمعة، وشددتها بحمائل السَّيْف مَعَ الْجحْفَة، وألقيت ذَلِك فِي مَوضِع عَلمته عَن يَمِيني، ثمَّ جمعت نَفسِي فَوَثَبت فِي وسط البردي.
فَوَقَعت على شَيْء ثار من تحتي ونفضني، وَصَاح صَيْحَة عَظِيمَة مَلأ بهَا الْوَادي، وَإِذا هُوَ أَسد، فشق البردي وسعى هَارِبا، فَوقف بإزائي من جَانب الْوَادي الآخر.
فطلبت سَيفي وجحفتي حَتَّى أخذتهما، ووقفت أنْتَظر أَن يمْضِي الأدس فأطلب الْجمل، فَأقبل يُرِيدنِي.
فمشيت بَين يَدَيْهِ فِي البردي، وَهُوَ فِي أثري يَخُوض المَاء، ويشق البردي، وَأَنا أخاتله من مَوضِع إِلَى مَوضِع.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute