للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطلع الْقَمَر، فَأَبْصَرت بِنَاء خفِيا، فقصدته، فَإِذا هُوَ بَيت رحى يديرها المَاء، فَدخلت فِيهِ.

ثمَّ فَكرت، فَقلت: هُنَا مألف الْأسد، والساعة يجيئني، فَجئْت إِلَى شَجَرَة كَبِيرَة، فقطعتها بِالسَّيْفِ من نصف سَاقهَا، وجررتها من ورائي، وجذبت سَاقهَا، وَدخلت إِلَى بَيت الرَّحَى، فَامْتَلَأَ الْبَاب بهَا، وفضلت عَنهُ بِشَيْء كثير، وَجَلَست، وسَاق الشَّجَرَة فِي يَدي.

فَمَا كَانَ إِلَّا مِقْدَار جلوسي، حَتَّى أحسست بالأسد يزحم الشَّجَرَة يُرِيد الدُّخُول إِلَيّ.

قَالَ: فاستندت إِلَى الْحَائِط، وَأَمْسَكت سَاق الشَّجَرَة أدافعه بهَا، حَتَّى ملني ومللته، ثمَّ ربض بِإِزَاءِ الْبَاب إِلَى أَن أَسْفر الصُّبْح، فَلَمَّا كَادَت أَن تطلع الشَّمْس مضى.

فأقمت إِلَى أَن انبسطت الشَّمْس، حَتَّى أمنته، ثمَّ خرجت، فَمَا زلت أطلب أثر الْجمل حَتَّى انْتَهَيْت إِلَيْهِ، فَإِذا هُوَ قد تقطع من أثر السقطة، والعدلان مطروحان، وَكَانُوا أمروني بفتقهما، واستخراج المَال، وَحمله، إِن لم أقدر على تَخْلِيص الْجمل وَحمل العدلين، فَفعلت ذَلِك.

وحملت المَال على ظَهْري، وَطلبت المصعد، وَقد علا الضُّحَى، فَصَعدت فِيهِ.

فَلَمَّا حصلت بِرَأْس الْوَادي، إِذا ببادية مجتازين، فقصدوني، فمانعتهم بِالسَّيْفِ عَن نَفسِي، فَلم أطقهم، وضربوني بِالسُّيُوفِ.

فَقلت لشيخ رَأَيْته كالرئيس لَهُم: لي الذمام على مَا معي حَتَّى أصدقك، وأنفعك نفعا كثيرا.

فَقَالَ: أصدقني، وَلَك الذمام.

<<  <  ج: ص:  >  >>