للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَحَدَّثته بِالْحَدِيثِ، فَأخذُوا المَال، وَسَارُوا بِي مَعَهم، حَتَّى وقفُوا على العدلين، فاحتملوهما.

وَضرب الشَّيْخ بِيَدِهِ فِي المَال، فَحَثَا مِنْهُ ثَلَاث حثيات فَقلت: هَذَا لَا يَنْفَعنِي إِن لم تبلغني مأمني.

فَأَنَاخَ جملا فَحَمَلَنِي عَلَيْهِ، وَسَار بِي سيرًا حثيثًا، حَتَّى أَرَانِي الْقَافِلَة على بعد، ثمَّ أنزلني، وَقَالَ: الْحق برفقتك، فَمَا عَلَيْك من أحد بَأْس.

فمشيت حَتَّى لحقت الْقَافِلَة، وَقد خبأت تِلْكَ الدَّنَانِير فِي سراويلي، فعرفتهم أَن المَال أَخَذته الْبَادِيَة، وكتمت مَا أعطوني، وأريتهم آثَار الضَّرْب، فصدقوني، وَلم يفتشوني.

فركبت دَابَّتي وسرت مَعَهم، فَدَخَلْنَا طبرية، فشكوا إِلَى أميرها أبي عُثْمَان بن عقيل، فَأسْرى إِلَى الْأَعْرَاب، فارتجع مِنْهُم أَكثر المَال، ورده إِلَى صَاحبه.

وَكنت أَنا، لما دَخَلنَا طبرية، فَارَقْتهمْ، وَدخلت إِلَى دمشق، ثمَّ لحقوني بهَا.

وَبَلغنِي مَا رد عَلَيْهِم، فَقلت لصَاحب المَال: قد بذلت مهجتي، وأفلت من الْأسد، وَالْمَوْت، مرَارًا، وَمن الْأَعْرَاب، حَتَّى وصل إِلَيْك بعض مَالك، فَلَا أقل من أَن توصل إِلَيّ بعض مَا وَعَدتنِي، فَأَعْطَانِي مِائَتي دِينَار.

فأضفتها إِلَى مَا أعطانيه الْأَعْرَاب، فَإِذا الْجَمِيع سِتّمائَة دِينَار، مَعَ السَّلامَة من تِلْكَ الشدائد والأهوال.

<<  <  ج: ص:  >  >>