بُد للنَّاس مِنْهَا، فَهَل يدل هَذَا إِلَّا على نُقْصَان الْعَالم وانحطاط الْبلدَانِ.
ثمَّ أقبل يعدد فضائله، والأشياء الطريفة الَّتِي عالج بهَا، والعلل الصعبة الَّتِي زَالَت بتدبيره، فَذكر من ذَلِك أَشْيَاء كَثِيرَة، مِنْهَا: قَالَ: أَخْبرنِي مُنْذُ مُدَّة رجل من جلة أهل الْبَلَد، أَنه كَانَ حدث بابنة لَهُ عِلّة طريفة، فكتمت أمرهَا، ثمَّ أطلع عَلَيْهَا أَبوهَا، فكتمها هُوَ مديدة، ثمَّ انْتهى أَمر الْبِنْت إِلَى حد الْمَوْت.
قَالَ: وَكَانَت الْعلَّة، أَن فرج الصبية كَانَ يضْرب عَلَيْهَا ضربانًا عَظِيما لَا تنام مَعَه اللَّيْل وَلَا النَّهَار، وتصرخ أعظم صُرَاخ، وَيجْرِي فِي خلال ذَلِك مِنْهُ دم يسير كَمَاء اللَّحْم، وَلَيْسَ هُنَاكَ جرح يظْهر، وَلَا ورم.
قَالَ: فَلَمَّا خفت المأثم، أحضرت يزِيد، فشاورته.
فَقَالَ: أتأذن لي فِي الْكَلَام، وتبسط عُذْري فِيهِ.
فَقلت لَهُ: نعم.
قَالَ: لَا يمكنني أَن أصف لَك شَيْئا، دون أَن أشاهد الْموضع بعيني، وأفتشه بيَدي، وأسائل الْمَرْأَة عَن أَسبَاب لَعَلَّهَا كَانَت الجالبة لِلْعِلَّةِ.
قَالَ: فلعظم الصُّورَة، وبلوغها حد التّلف، أمكنته من ذَلِك.
فَأطَال المسائلة، وحدثها بِمَا لَيْسَ من جنس الْعلَّة، بعد أَن جس الْموضع من ظَاهره، وَعرف بقْعَة الْأَلَم، حَتَّى كدت أَن أثب بِهِ، ثمَّ صبرت، وَرجعت إِلَى مَا أعرفهُ عَن سيرته، فَصَبَرت على مضض.
إِلَى أَن قَالَ: تَأمر من يمْسِكهَا، فَفعلت.
فَأدْخل يَده فِي الْموضع دُخُولا شَدِيدا، فصاحت الْجَارِيَة، وأغمي عَلَيْهَا، وانبعث الدَّم، وَأخرج يَده وفيهَا حَيَوَان أقل من الخنفساء، فَرمى بِهِ.
فَجَلَست الْجَارِيَة فِي الْحَال، وَقَالَت: يَا أَبَة، استرني، فقد عوفيت.
فَأخذ يزِيد الْحَيَوَان بِيَدِهِ، وَخرج من الْموضع، فلحقته، فأجلسته.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute