هَذَا الْخَاتم من بِلَاد الله، تشبث الْخُلَفَاء إِلَى أَخذه بِكُل ثمن، وَإِن حصل عنْدك حَتَّى تمْتَنع من بَيْعه إِلَّا بِمِائَة ألف دِينَار، وَلم يقدروا عَلَيْك، لأعطوك إِيَّاهَا، والرأي أَن تَأْخُذهُ، وتنفذه إِلَى نَاحيَة الشَّام، وتخفي حُصُول الْخَاتم فِي يدك، فَإِنِّي إِذا حضرت بِحَضْرَة الْخَلِيفَة، وعرفته خَبره، جاءتك رسله بالرغائب، حَتَّى يرتجع مِنْك بِأَيّ ثمن احتكمت.
فَقَالَ: إِذا خُذ من ثِيَابك مَا تُرِيدُ.
فَأخذت من ثِيَابِي مَا احتجت إِلَيْهِ، وَأخذ الْخَاتم فخبأه فِي جيبه، وأركبني رَاحِلَة موطأة، وَأَعْطَانِي إداوتين كبيرتين مَاء، وَسَار معي، وَالنَّاس قد هَلَكُوا من الْعَطش.
وَلم يزل يسير معي، إِلَى أَن بلغنَا إِلَى حصن فِي الْبَريَّة، يعرف بالزيتونة، من بِنَاء هِشَام بن عبد الْملك، وَفِيه رجل من بني أُميَّة، يكنى بِأبي مَرْوَان، مَعَه فِي الْحصن نَحوا من مِائَتي رجل.
فَلَمَّا حصلت عِنْده، انْصَرف الْأَعرَابِي، وَعرفت أَبَا مَرْوَان خبري فِي الْقطع وَمن أَنا، فأعظم أَمْرِي، وأكرمني، وأنفذ معي من أَصْحَابه من بَلغنِي الرقة سالما