فَلَمَّا رَآهُ الملاح كبر، فصاح هُوَ بالملاح: احملني، فقد جنني اللَّيْل، وأخاف على نَفسِي، فشتمه الملاح.
فَقلت لَهُ: احمله، فَدخل إِلَى الشط فَحَمله، فَلَمَّا حصل مَعنا رَجَعَ إِلَى قِرَاءَته، فخلب عَقْلِي بطيبها.
فَلَمَّا قربنا من الأبلة، قطع الْقِرَاءَة، وَقَامَ ليخرج فِي بعض المشارع فِي الأبلة، فَلم أر الفوطة، فَقُمْت وَاقِفًا، واضطربت، وَصحت.
فاستغاث الملاح، وَقَالَ: السَّاعَة تقلب الخيطية، وخاطبني خطاب من لَا يعلم حَالي.
فَقلت لَهُ: يَا هَذَا، كَانَت بَين يَدي فوطة فِيهَا خمس مائَة دِينَار.
فَلَمَّا سمع الملاح ذَلِك، بَكَى، وَلَطم، وتعرى من ثِيَابه، وَقَالَ: أَدخل الشط ففتش، وَلَا لي مَوضِع أخبئ فِيهِ شَيْئا فتتهمني بسرقته، ولي أَطْفَال، وَأَنا ضَعِيف، فَالله، الله فِي أَمْرِي، وَفعل الضَّرِير مثل ذَلِك.
وفتشت الخيطية فَلم أجد شَيْئا، فرحمتهما، وَقلت: هَذِه محنة لَا أَدْرِي كَيفَ التَّخَلُّص مِنْهَا، وَخَرجْنَا، فَعمِلت على الْهَرَب، وَأخذ كل وَاحِد منا طَرِيق، وَبت فِي بَيْتِي، وَلم أمض إِلَى صَاحِبي، وَأَنا بليلة عَظِيمَة.
فَلَمَّا أَصبَحت، عملت على الْهَرَب إِلَى الْبَصْرَة، لأستخفي فِيهَا أَيَّامًا، ثمَّ أخرج إِلَى بلد شاسع.
فانحدرت، فَخرجت فِي مشرعة بِالْبَصْرَةِ، وَأَنا أَمْشِي وأتعثر وأبكي قلقًا على فِرَاق أَهلِي وَوَلَدي، وَذَهَاب معيشتي وجاهي، إِذْ أعترضني رجل.
فَقَالَ: يَا هَذَا، مَا بك؟ فَقلت: أَنا فِي شغل عَنْك، فاستحلفني، فَأَخْبَرته.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute