للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: امْضِ إِلَى السجْن ببني نمير، واشتر مَعَك خبْزًا كثيرا، وشواءً جيدا، وحلوى، وسل السجان أَن يوصلك إِلَى رجل مَحْبُوس، يُقَال لَهُ: أَبُو بكر النقاش، وَقل لَهُ: أَنا زَائِره، فَإنَّك لَا تمنع، وَإِن منعت، فَهَب للسجان شَيْئا يَسِيرا فَإِنَّهُ يدْخلك إِلَيْهِ، فَإِذا رَأَيْته فَسلم عَلَيْهِ وَلَا تخاطبه حَتَّى تجْعَل بَين يَدَيْهِ مَا مَعَك، فَإِن أكل وَغسل يَدَيْهِ، فَإِنَّهُ يَسْأَلك عَن حَاجَتك، فَأخْبرهُ خبرك، فَإِنَّهُ سيدلك على من أَخذ مَالك، ويرتجعه لَك.

فَفعلت ذَلِك، ووصلت إِلَى الرجل، فَإِذا هُوَ شيخ مثقل بالحديد.

فَسلمت عَلَيْهِ، وطرحت مَا معي بَين يَدَيْهِ، فَدَعَا رُفَقَاء كَانُوا مَعَه فَأَقْبَلُوا يَأْكُلُون مَعَه، فَلَمَّا استوفى وَغسل يَدَيْهِ.

قَالَ: من أَنْت، وَمَا جَاءَ بك؟ فشرحت لَهُ قصتي.

فَقَالَ: امْضِ السَّاعَة لوقتك، وَلَا تتأخر، إِلَى بني هِلَال، فاقصد الدَّرْب الْفُلَانِيّ حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى آخِره، فَإنَّك تشاهد بَابا شعثًا، فافتحه وادخل بِلَا اسْتِئْذَان، فستجد دهليزًا طَويلا يُؤَدِّي إِلَى بَابَيْنِ، فَادْخُلْ الْأَيْمن مِنْهُمَا، فسيدخلك إِلَى دَار فِيهَا بَيت فِيهِ أوتاد وبواري، وعَلى كل وتد إِزَار ومئزر، فانزع ثِيَابك، وعلقها على الوتد، واتزر بالمئزر واتشح بالإزار، واجلس، فسيجيء قوم يَفْعَلُونَ كَمَا فعلت، إِلَى أَن يتكاملوا، ثمَّ يُؤْتونَ بِطَعَام فَكل مَعَهم، وتعمد أَن تفعل كَمَا يَفْعَلُونَ فِي كل شَيْء.

فَإِذا أَتَوا بالنبيذ فَاشْرَبْ مَعَهم أقداحًا يسيرَة، ثمَّ خُذ قدحًا كَبِيرا، فاملأه،

<<  <  ج: ص:  >  >>