للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقد استوحش وَخَافَ.

فَقَالَ حميد: يَا أَبَا سَلمَة، زعمت أَن الإِمَام لم يقدم بعد؟ فَقَالَ أَبُو سَلمَة: إِنَّمَا أردْت أَن أدافع بخروجهم إِلَى أَن يهْلك مَرْوَان، فَإِن كَانَت لَهُ كرة لم يَكُونُوا قد عرفُوا فيهلكوا، وَإِن هلك مَرْوَان أظهرت أَمرهم على ثِقَة.

فأظهر أَبُو الْعَبَّاس قبُول هَذَا الْعذر مِنْهُ، وَأَقْعَدَهُ إِلَى جَانِبه، ثمَّ دبر عَلَيْهِ بعد مُدَّة حَتَّى قَتله.

وَقد رُوِيَ هَذَا الْخَبَر على غير هَذَا السِّيَاق، فَقَالُوا: قدم أَبُو الْعَبَّاس السفاح وَأَهله على أبي سَلمَة سرا، فَستر أَمرهم، وعزم على أَن يَجْعَلهَا شُورَى بَين ولد عَليّ وَالْعَبَّاس، حَتَّى يختاروا مِنْهُم من أَرَادوا.

ثمَّ خَافَ أَن لَا يتَّفق على الْأَمر، فعزم على أَن يعدل بِالْأَمر إِلَى ولد الْحسن وَالْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُم، وهم ثَلَاثَة: جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن، وَعبد الله بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ، وَعمر بن عَليّ بن الْحُسَيْن.

وَوجه بكتب إِلَيْهِم مَعَ رجل من مواليهم من سَاكِني الْكُوفَة.

فَبَدَأَ بِجَعْفَر بن مُحَمَّد، فَلَقِيَهُ لَيْلًا، فَأعلمهُ أَنه رَسُول أبي سَلمَة، وَأَن مَعَه كتابا إِلَيْهِ.

فَقَالَ: مَا أَنا وَأَبُو سَلمَة، وَهُوَ شيعَة لغيري؟ فَقَالَ لَهُ الرَّسُول: تقْرَأ الْكتاب، وتجيب عَنهُ بِمَا رَأَيْت.

فَقَالَ جَعْفَر لِخَادِمِهِ، قرب مني السراج، فقربه، فَوضع عَلَيْهِ كتاب أبي سَلمَة، فأحرقه.

فَقَالَ: أَلا تجيب عَنهُ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>