للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقلت: سُبْحَانَ الله، مَا تصنع الْحَادِثَة بِأَهْلِهَا، أَيهَا الْإِنْسَان تلقى هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذين تُرِيدُ لقاءهم وَعَلَيْك مثل هَذَا؟ قَالَ: وَالله، مَا ذهب عَليّ ذَلِك، وَلَكِن لَيْسَ عِنْدِي ثوب، إِلَّا وَهُوَ أشهر من هَذَا.

فأعطيته طيلساني، وَأخذت طيلسانه، ولويت سراويله إِلَى ركبته، فَدخل، ثمَّ خرج مَسْرُورا.

فَقلت: حَدثنِي بِمَا جرى بَيْنك وَبَين الْأَمِير.

قَالَ: دخلت إِلَيْهِ، وَلم يرني قطّ، فَقلت: أَيهَا الْأَمِير، لفظتني الْبِلَاد إِلَيْك، ودلني فضلك عَلَيْك، فإمَّا قبلتني غانمًا، وَإِمَّا رددتني سالما.

فَقَالَ: من أَنْت؟ فانتسبت إِلَيْهِ.

فَقَالَ: مرْحَبًا، أقعد فَتكلم، غانمًا مَسْرُورا، ثمَّ اقبل عَليّ، وَقَالَ: مَا حَاجَتك يَابْنَ أخي؟ فَقلت: إِن الْحرم اللواتي أَنْت أقرب النَّاس إلَيْهِنَّ، قد خفن بخوفنا، وَمن خَافَ خيف عَلَيْهِ.

فوَاللَّه مَا أجابني إِلَّا بدموعه تسيل على خديه، وَقَالَ: يَابْنَ أخي، يحقن الله دمك، ويحفظك فِي حَرمك، ويوفر عَلَيْك مَالك، وَالله، لَو أمكنني ذَلِك فِي جَمِيع أهلك لفَعَلت، وَلَكِن كن متواريًا كظاهر، وآمنًا كخائف، ولتأتني رقاعك.

قَالَ: وَكَانَ، وَالله، يكْتب إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يكْتب الرجل إِلَى ابْن عَمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>