ظبيتان، فرقيت فِي دَرَجَة لَهَا إِلَى مستشرف، فَقَعَدت فِيهِ.
قَالَ: فأصعدت لي مَا أحتاج إِلَيْهِ من الطَّعَام، وَالشرَاب، والفرش، وَالْمَاء، وَالْوُضُوء.
فأقمت كَذَلِك عِنْدهَا أَكثر من حولن تقوم بِكُل مَا يصلحني، وتغدو عَليّ فِي كل صباح، فتسألني عَن حوائجي، فَمَا سَأَلتنِي من أَنا، وَلَا أَنا سَأَلتهَا من هِيَ؟ وَأَنا فِي أثْنَاء ذَلِك أسمع الصياح فِي، والجعل.
فَلَمَّا طَال بِي الْمقَام، وفقدت الصياح والجعل، وغرضت بمكاني، جَاءَت إِلَيّ فِي الصَّباح تَسْأَلنِي الْحَاجة، فأعلمتها أَنِّي قد غرضت بموضعي، وأحببت الشخوص إِلَى أَهلِي.
فَقَالَت لي: يَأْتِيك مَا تحْتَاج إِلَيْهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
قَالَ: فَلَمَّا أمسيت، وَضرب اللَّيْل برواقه، رقت إِلَيّ، وَقَالَت: إِن شِئْت فَنزلت، وَقد أعدت راحلتين، عَلَيْهِمَا جَمِيع مَا أحتاج إِلَيْهِ، ومعهما عبد، وأعطت العَبْد نَفَقَة الطَّرِيق، وَقَالَت: العَبْد والراحلتان لَك.
فركبت، وَركب معي العَبْد، حَتَّى أتيت مَكَّة، فدققت بَاب منزلي، فَقَالُوا: من أَنْت يَا هَذَا؟ فَقلت: عبيد الله بن قيس الرقيات، فولولوا، وَبكوا، وَقَالُوا: لم يرْتَفع طَلَبك إِلَّا فِي هَذَا الْوَقْت.
فتوقفت عِنْدهم حَتَّى أسحرت، ونهضت، فَقدمت الْمَدِينَة، وَمَعِي العَبْد، فَجئْت إِلَى عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم، وَهُوَ يعشي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute