للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثَة آلَاف دِينَار فِي السّنة، وَإِن من وجد بعد النداء ضرب خمس مائَة سَوط وهدمت دَاره وَأخذ مَاله وَحبس طول الدَّهْر، فَنُوديَ بذلك عشيًا.

فَمَا شَعرت، إِلَّا وَصَاحب الدَّار قد دخل عَليّ وَأَخْبرنِي الْخَبَر، وَقَالَ: وَالله، مَا أقدر بعد هَذَا على سترك، وَلَا آمن من زَوْجَتي، وجاريتي، وَغُلَامِي، وَأَن تشره نُفُوسهم إِلَى المَال، فيدلون عَلَيْك، وَأهْلك بهلاكك، وَإِن صفح الْخَلِيفَة عَنْك، لم آمن من أَن تتهمني بِأَنِّي دللت عَلَيْك، فَيكون ذَلِك أقبح وأشنع، وَلَيْسَ الرَّأْي لي وَلَك إِلَّا أَن تخرج عني.

فورد عَليّ ذَلِك أعظم مورد، وَقلت: إِذا جَاءَ اللَّيْل خرجت عَنْك.

قَالَ: وَمن يُطيق الصَّبْر على هَذَا الضَّرَر إِلَى اللَّيْل، فَإنَّك إِن وجدت عِنْدِي قبل اللَّيْل أهلكتني وأهلكت نَفسك، وَهَذَا وَقت حَار، وَقد طَال عهد النَّاس بك، فَقُمْ وتنكر واخرج.

فَقلت: كَيفَ أتنكر؟ فَقَالَ: تَأْخُذ أَكثر لحيتك، وتغطي رَأسك وَبَعض وَجهك، وتلبس قَمِيصًا ضيقا، وَتخرج.

فَقلت: أفعل.

فجَاء بمقراض فَأخذت أَكثر لحيتي، وتنكرت، وَخرجت من عِنْده فِي أول أَوْقَات الْعَصْر، وَأَنا ميت خوفًا.

فمشيت فِي الشَّارِع، حَتَّى بلغت الجسر، فَوَجَدته قد رش، وَهُوَ خَال من النَّاس، متزلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>