موالينا، فدققت الْبَاب عَلَيْهَا، فَخرجت، فَلَمَّا رأتني بَكت، وحمدت الله على رؤيتي، وأدخلتني الدَّار.
فَلَمَّا كَانَ فِي السحر، وَأَنا نَائِم، بكرت الْعَجُوز فغمزت عَليّ بعض أَصْحَاب إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، فَمَا شَعرت إِلَّا بِإسْحَاق نَفسه، فِي خيله وَرجله، قد أحَاط بِالدَّار، ثمَّ كبسها واستخرجني مِنْهَا، حَتَّى أوقفني بَين يَدي الْمَأْمُون حافيًا حاسرًا.
فَلَمَّا رَآنِي سجد طَويلا ثمَّ رفع رَأسه، وَقَالَ: يَا فضل، أَتَدْرِي لم سجدت؟ فَقلت: نعم، شكرا لله تَعَالَى الَّذِي أظفرك بعدو دولتك، المغري بَيْنك وَبَين أَخِيك.
قَالَ: مَا أردْت هَذَا، وَلَكِنِّي سجدت شكرا لله على مَا ألهمنيه من الْعَفو عَنْك، فَحَدثني بخبرك؟ فشرحته لَهُ من أَوله إِلَى آخِره.
فَأمر بإحضار الْعَجُوز مولاتنا، وَكَانَت فِي الدَّار تنْتَظر الْجَائِزَة، فَقَالَ لَهَا: مَا حملك على مَا فعلت، مَعَ إنعامه وإنعام أَهله عَلَيْك؟ قَالَت: رَغْبَة فِي المَال.
قَالَ: هَل لَك زوج أَو ولد أَو أَخ؟ قَالَت: لَا، فَأمر بضربها مائَة سَوط، وتخليدها فِي السجْن.
ثمَّ قَالَ لإسحاق: أحضر السَّاعَة الجندي، وَامْرَأَته، والمزين، فَحَضَرُوا فِي مجْلِس وَاحِد، فاستثبتني فيهم، فعرفته أَنهم الْقَوْم بأعيانهم.
فَسَأَلَ الجندي عَن السَّبَب الَّذِي حمله على فعله، فَقَالَ: الرَّغْبَة فِي المَال،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute