فَقَالَت: قد سَمِعت مَا عِنْده، فَاتق الله فِي نَفسك واخرج، فدعوت لَهَا.
فَنزلت، ففتحت الْبَاب فتحا رَفِيقًا، وَقَالَت: اخْرُج، وَكَانَت الدرجَة فِي الدهليز، فأفضيت إِلَى الْبَاب، فَلَمَّا انْتَهَيْت إِلَى آخر الدَّرْب وجدت الحراس قد أغلقوه، فتحيرت.
ثمَّ رَأَيْت رجلا يفتح بَابا بمفتاح رومي، فَقلت: هَذَا رومي، وَهُوَ مِمَّن يقبل مثلي.
فدنوت مِنْهُ وَقلت: استرني، سترك الله.
فَقَالَ: ادخل، فَدخلت، فرأيته رجلا فَقِيرا وحيدًا، فأقمت لَيْلَتي عِنْده، وَبكر من غَد، وَعَاد نصف النَّهَار وَمَعَهُ حمالان يحمل أَحدهمَا حَصِيرا ومخدة، وجرار، وكيزان، وغضائر جددًا، وَقدرا جَدِيدا، وَيحمل الآخر خبْزًا وَفَاكِهَة، وَلَحْمًا، وثلجًا، فَدخل، وَترك ذَلِك كُله عِنْدِي، وأغلق الْبَاب.
فَنزلت، وعذلته، وَقلت لَهُ: لم كلفت نَفسك هَذَا؟ فَقَالَ: أَنا رجل مزين، وأخاف أَن تستقذرني، وَقد أفردت لَك هَذَا، فاطبخ أَنْت وأطعمني فِي غضارة أجيء بهَا من عِنْدِي، فشكرته على ذَلِك، وأقمت عِنْده ثَلَاثَة أَيَّام.
فَلَمَّا كَانَ آخر الْيَوْم الثَّالِث، ضَاقَ صَدْرِي، فَقلت لَهُ: يَا أخي الضِّيَافَة ثَلَاثَة أَيَّام، وَقد أَحْسَنت وأجملت، وَأُرِيد الْخُرُوج.
فَقَالَ: لَا تفعل، فَإِنِّي وحيد، وَلست مِمَّن يطْرق، وخبرك لَا يخرج من عِنْدِي أبدا، فأقم إِلَى أَن يفرج الله عَنْك، فلست أتثاقل بك.
فأبيت للحين، وَخرجت على وَجْهي أُرِيد منزل عَجُوز بِبَاب التِّبْن من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute