للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقلت: فِي الْموضع الْفُلَانِيّ.

فَقَالَ: قُم معي إِلَيْهِ، وَمَا فارقني حَتَّى حَملَنِي إِلَى منزلي، وَمَا زَالَ يؤنسني، ويعظني، إِلَى أَن بَان لَهُ السّكُون فِي، فشكرته.

وَانْصَرف، فكدت أَن أقتل نَفسِي لوحشة منزلي عَليّ، ثمَّ ذكرت النَّار وَالْآخِرَة، فَخرجت من بَيْتِي هَارِبا، إِلَى بعض أصدقائي القدماء فِي حَال سعادتي، فَأَخْبَرته خبري، فَبكى رقة لي، وَأَعْطَانِي خمسين درهما.

وَقَالَ: اقبل رَأْيِي، واخرج السَّاعَة من بَغْدَاد، وَاجعَل هَذِه نَفَقَة لَك إِلَى حَيْثُ وجدت قَلْبك يساعدك إِلَى قَصده، وَأَنت من أَوْلَاد الْكتاب، وخطك جيد، وأدبك صَالح، فاقصد بعض الْعمَّال، وأطرح نَفسك عَلَيْهِ، فَأَقل مَا فِي الْأَمر أَن تصير محررًا بَين يَدَيْهِ، وتعيش مَعَه، وَلَعَلَّ الله أَن يصنع لَك صنعا.

فَعمِلت على هَذَا، وَجئْت إِلَى الكتبيين، وَقد قوي فِي نَفسِي أَن أقصد وَاسِط، وَكَانَ لي فِيهَا أقَارِب، فأجعلهم ذَرِيعَة لي إِلَى التَّصَرُّف مَعَ بعض عمالها.

فحين جِئْت إِلَى الكتبيين، إِذا بزلال مقدم، وخزانة كَبِيرَة، وقماش كثير ينْقل إِلَى الزلَال، وَإِلَى الخزانة.

فَسَأَلت: من يحملني إِلَى وَاسِط؟ فَقَالَ أحد ملاحي الزلَال: نَحن نحملك بِدِرْهَمَيْنِ إِلَى وَاسِط، وَلَكِن هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>