للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاسْتحْسن الْبَقَّال خطي، وَرَأى رثاثة زيي، فَسَأَلَنِي عَن أَمْرِي، فَأَخْبَرته أَنِّي رجل ممتحن فَقير، قد تعذر عَليّ التَّصَرُّف، وَمَا بَقِي معي شَيْء، وَلم أشرح لَهُ أَكثر من هَذَا.

فَقَالَ لي: تعْمل معي كل يَوْم بِنصْف دِرْهَم، وطعامك وكسوتك عَليّ، وتضبط حِسَاب دكاني؟ فَقلت: نعم.

فَقَالَ: اصْعَدْ.

فخرقت الرقعة، وصعدت، فَجَلَست مَعَه، أدبر أمره، وضبطت دخله وخرجه، وَكَانَ غلمانه يسرقونه، فأديت لَهُ الْأَمَانَة.

فَلَمَّا كَانَ بعد شهر، رأى الرجل دخله زَائِدا، وخرجه نَاقِصا، فحمدني.

وَبقيت مَعَه كَذَلِك شهرا آخر، ثمَّ جعل رِزْقِي فِي كل يَوْم درهما.

وَلم يزل حَالي مَعَه يقوى، إِلَى أَن حَال الْحول، وَقد بَان لَهُ الصّلاح فِي أمره، فدعاني إِلَى أَن أَتزوّج بابنته، ويشاركني، فَفعلت.

وَدخلت بِزَوْجَتِي، ولزمت الدّكان، وحالي يقوى، إِلَّا أنني فِي خلال ذَلِك، منكسر النَّفس، ميت النشاط، ظَاهر الْحزن.

وَكَانَ الْبَقَّال رُبمَا شرب، فيجرني إِلَى مساعدته، فأمتنع، وَأظْهر لَهُ أَن ذَلِك بِسَبَب حزني على موتى لي.

واستمرت بِي الْحَال على هَذَا سنتَيْن وَأكْثر.

فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الْأَيَّام، رَأَيْت النَّاس يجتازون بفاكهة، وَلحم، ونبيذ، اجتيازًا مُتَّصِلا، فَسَأَلت عَن ذَلِك؟

<<  <  ج: ص:  >  >>