فَقيل لي: الْيَوْم الشعانين، يخرج فِيهِ أهل الظّرْف واللعب، بِالطَّعَامِ وَالشرَاب، والقيان إِلَى الأبلة، فيرون النَّصَارَى، وَيَشْرَبُونَ، ويفرحون.
فدعتني نَفسِي إِلَى التفرج، وَقلت: لعَلي أصل إِلَى أَصْحَابِي، أَو أَقف لَهُم على خبر، فَإِن هَذَا من مظانهم.
فَقلت لحمي: أُرِيد أَن أنظر إِلَى هَذَا المنظر.
فَقَالَ: شَأْنك وَمَا تُرِيدُ، فَأصْلح لي طَعَاما، وَشَرَابًا، وَسلم إِلَيّ غُلَاما وسفينةً.
فَخرجت وَركبت السَّفِينَة، وبدأت بِالْأَكْلِ، ثمَّ قدمت آنِية الشَّرَاب، وَجَلَست أشْرب حَتَّى وصلت البلة، وأبصرت النَّاس وَقد ابتدءوا يَنْصَرِفُونَ.
فَإِذا بالزلال بِعَيْنِه، فِي أوساط النَّاس، سائرًا فِي نهر الأبلة، فتأملته، فَإِذا أَصْحَابِي على سطحه، وَمَعَهُمْ عدَّة مغنيات.
فحين رَأَيْتهمْ لم أتمالك فَرحا، فطرحت إِلَيْهِم، فحين رأوني عرفوني، فكبروا، وأخذوني إِلَيْهِم، وسلموا عَليّ.
وَقَالُوا: وَيحك، أَنْت حَيّ؟ وعانقوني، وفرحوا بِي، وسألوني عَن قصتي، فَأَخْبَرتهمْ بهَا، من أَولهَا إِلَى آخرهَا، على أتم شرح.
فَقَالُوا: إِنَّا لما فقدناك فِي الْحَال، وَقع لنا أَنَّك بالسكر وَقعت فِي المَاء فغرقت، وَلم نشك فِي ذَلِك، فخرقت الْجَارِيَة ثِيَابهَا، وَكسرت الْعود، وجزت شعرهَا، وبكت، ولطمت، فَمَا منعناها من شَيْء من هَذَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute