للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووردنا الْبَصْرَة، فَقُلْنَا لَهَا: مَا تحبين أَن نعمل مَعَك؟ فقد كُنَّا وعدنا مَوْلَاك وَعدا، تَمْنَعنَا الْمُرُوءَة من استخدامك بعده فِي حَال أَو سَماع.

فَقَالَت: يَا مولَايَ لَا تمنعني من الْقُوت الْيَسِير، وَلبس الثِّيَاب السوَاد، وَأَن أصنع قبرًا فِي بَيت من الدَّار، وأجلس عِنْده، وَأَتُوب من الْغناء، فمكناها من ذَلِك، فَهِيَ جالسة عِنْده إِلَى الْآن.

وأخذوني مَعَهم، فحين دخلت، ورأيتها بِتِلْكَ الصُّورَة، ورأتني، شهقت شهقةً عَظِيمَة، فَمَا شَككت فِي تلفهَا، وأعتنقتها، فَمَا افترقنا سَاعَة طَوِيلَة.

ثمَّ قَالَ لي مَوْلَاهَا: خُذْهَا.

فَقلت: بل تعتقها وَتَزَوَّجنِي بهَا، كَمَا وَعَدتنِي.

فَفعل ذَلِك، وَدفع لنا ثيابًا كَثِيرَة، وفرشًا، وقماشًا، وَحمل إِلَيّ خمس مائَة دِينَار.

وَقَالَ: هَذَا قدر مَا أردْت أَن أجريه عَلَيْكُم فِي كل شهر من أول شهر دخولي إِلَى الْبَصْرَة، وَقد اجْتمع فِي طول هَذِه الْمدَّة، والجراية فِي كل شهر غير هَذَا، وَشَيْء آخر لكسوتك، وَكِسْوَة الْجَارِيَة، وَالشّرط فِي المنادمة وَسَمَاع الْجَارِيَة من وَرَاء الستارة بَاقٍ، وَقد وهبت لَك الدَّار الْفُلَانِيَّة، وَهَذِه مفاتيحها.

فَأخذت المفاتيح، وأتيت إِلَى الدَّار، فَوَجَدتهَا مفروشة بأنواع الْفرش، وَإِذا بذلك الْفرش والقماش الَّذِي أَعْطيته فِيهَا، وَالْجَارِيَة.

فسررت بذلك سُرُورًا عَظِيما، وَجئْت إِلَى الْبَقَّال، فَحَدَّثته حَدِيثي، وَطلقت ابْنَته، ووفيتها صَدَاقهَا.

وأقمت مَعَ الْجَارِيَة سِنِين، وصرت رب ضَيْعَة ونعمة، وَصَارَ حَالي إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>