فقرر الصَدَاق، وخطب، وَزوجهَا بِهِ، ثمَّ أقبل على الْفَتى، وَقَالَ لَهُ: مَا حملك على هَذَا؟ فَقَالَ: حَدِيثي طَوِيل، إِن نشطت لَهُ حدثتك بِهِ.
فَقَالَ: لَا أقل من أَن نَسْمَعهُ، فَلَعَلَّنَا أَن نبسط عذرك.
فَقَالَ: أَنا فلَان ابْن فلَان، وَكَانَ أبي من وُجُوه أهل هَذَا الْبَلَد، ومياسيره، وَهَذَا عَارِف بذلك، وَأَوْمَأَ إِلَى النخاس.
وأسلمني أبي إِلَى الْكتاب، وَكَانَت لأمي صبية قريب سني من سنّهَا، وَهِي جاريتي هَذِه، وَكَانَت معي فِي الْمكتب، تتعلم مَا أتعلم، وتنصرف معي.
فبلغت، ثمَّ بطلت من الْكتاب، وتعلمت الْغناء، فَكنت لمحبتي لَهَا أتعلمه مَعهَا، وَتعلق قلبِي بهَا، وأحببتها حبًّا شَدِيدا.
وَبَلغت أَنا أَيْضا، فخطبني وُجُوه أهل الْبَصْرَة لبناتهن، فخيرني أبي، فأظهرت لَهُ الزّهْد فِي التَّزْوِيج، ونشأت متوفرًا على الْأَدَب، متقلبًا فِي نعم أبي، غير متعرض لما يتَعَرَّض لَهُ الْأَحْدَاث، لتَعلق قلبِي بالصبية، ورغبة أهل الْبَلَد تزداد فِي، وَعِنْدهم أَن عفتي لصلاح، وَمَا كَانَت إِلَّا لتَعلق قلبِي بالجارية، وَأَن شهوتي لَا تتعداها لأحد.
وَبلغ حذقها فِي الْغناء إِلَى مَا قد سمعتموه، فعزمت أُمِّي على بيعهَا، وَهِي لَا تعلم مَا فِي نَفسِي مِنْهَا، فأحسست بِالْمَوْتِ، واضطررت إِلَى أَن حدثت أُمِّي عَن الصُّورَة، فَحدثت أبي، فَاجْتمع رأيهما على أَن وهبا لي الْجَارِيَة، وجهزاها
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute