فَجِئْنَا إِلَى مجْلِس الْفَقِيه، فشرحت لأبي إِسْحَاق الْمروزِي بعض حَدِيث الْفَتى، وَسَأَلته أَن يكْتب رقْعَة إِلَى أبي بكر بن أبي حَامِد، يسْأَله فِيهَا فسخ البيع، وَالْإِقَالَة، وَأخذ الثّمن، ورد الْجَارِيَة، فَكتب رقْعَة مُؤَكدَة فِي ذَلِك.
فَقُمْت، وَأخذت بيد الْخُرَاسَانِي صديقي، وَجِئْنَا إِلَى أبي بكر بن أبي حَامِد، فَإِذا هُوَ فِي مجْلِس حافل، فأمهلنا حَتَّى خف، ثمَّ دَنَوْت أَنا والفتى، فعرفني، وسألني عَن أبي إِسْحَاق الْمروزِي، فَقلت: هَذِه رقعته خَاصَّة فِي حَاجَة لَهُ.
فَلَمَّا قَرَأَهَا، قَالَ لي: أَنْت صَاحب الْجَارِيَة؟ قلت: لَا، وَلكنه صديقي هَذَا، وأومأت إِلَى الْخُرَاسَانِي، وقصصت عَلَيْهِ الْقِصَّة، وَسبب بيع الْجَارِيَة.
فَقَالَ: وَالله، مَا أعلم أَنِّي ابتعت جَارِيَة فِي هَذِه الْأَيَّام، وَلَا ابتيعت لي.
فَقلت: إِن امْرَأَة جَاءَت وابتاعتها، وَذكرت أَنَّهَا من دَارك.
قَالَ: يجوز.
ثمَّ قَالَ: يَا فلَان، فَجَاءَهُ خَادِم، فَقَالَ لَهُ: امْضِ إِلَى دور الْحرم، فاسأل عَن جَارِيَة اشْتريت أمس، فَلم يزل يدْخل وَيخرج من دَار إِلَى دَار، حَتَّى وَقع عَلَيْهَا، فَرجع إِلَيْهِ.
فَقَالَ لَهُ: أعثرت عَلَيْهَا؟ فَقَالَ: نعم، فَقَالَ: أحضرها، فأحضرها.
فَقَالَ لَهَا: من مَوْلَاك؟ فأومأت إِلَى الْخُرَاسَانِي.
فَقَالَ لَهَا: أفتحبين أَن أردك عَلَيْهِ؟ فَقَالَت: وَالله، لَيْسَ مثلك يَا مولَايَ من يخْتَار عَلَيْهِ، وَلَكِن لمولاي عَليّ حق التربية.
فَقَالَ: هِيَ كيسة عَاقِلَة، خُذْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute