للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدعوها، فألفتها، وَوَقعت من قلبِي موقعًا عَظِيما، وَاشْتَدَّ حبي لَهَا، فَعمِلت على أَن أبيع منزلي وأبتاعها، وناظرت مولاتها فِي ذَلِك، فَحَلَفت أَنَّهَا لَا تنقص ثمنهَا عَن ثَلَاثَة آلَاف دِينَار.

فَنَظَرت، فَإِذا أَنا أفتقر، وَلَا تفي حَالي بِثمنِهَا، فَقَامَتْ قيامتي، وَاشْتَدَّ وجدي، وانحدرت إِلَى سر من رأى، أطلب تَصرفا، أَو مَا بِهِ شراؤها.

وَكَانَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق الطاهري، وَأَبوهُ، يرجيان لي، فقصدت مُحَمَّدًا، وَمَعِي دَوَاب، وَبَقِيَّة من حَالي، فأقمت عَلَيْهِ مُدَّة لم يسنح لي فِيهَا تصرف، فاشتدت بِي رقة الْحَال، فانحدرت إِلَى بَغْدَاد، أقصد إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الطاهري، فوردت فِي زورق.

وفكرت فِي أَمْرِي، وعَلى من أنزل، فَلم أَثِق بِغَيْر مُحَمَّد بن الْفضل الجرجرائي، لمودة كَانَت بيني وَبَينه، فقصدته، وَنزلت عَلَيْهِ، وَوَقع ذَلِك مِنْهُ أجل موقع، وفاتشني عَن أَمْرِي، وسألني عَن حَالي، فَذكرت لَهُ قصتي مَعَ الْجَارِيَة.

فَقَالَ: وَالله، لَا تَبْرَح من مجلسك حَتَّى تقبض ثمنهَا، وَأمر خادمه، فأحضر كيسًا فِيهِ ثَلَاثَة آلَاف دِينَار، وسلمت إِلَيّ، وتأبيت عَلَيْهِ، فَحلف أيمانًا مُؤَكدَة أَن أقبلها.

وَقَالَ: إِن اتسعت لقضائه، واحتجت إِلَيْهِ، لم أمتنع من أَخذه مِنْك،

<<  <  ج: ص:  >  >>