للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأخذت الْكيس وشكرته، وتشاغلنا بالشرب.

فَلَمَّا كَانَ من الْغَد، أَتَى رَسُول إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الطاهري يطلبني، فصرت إِلَيْهِ، فاحتفى بِهِ، وأكرمني، وَقَالَ: مَا ظَنَنْت أَنَّك توافي بَلَدا أحله، فتنزل غير دَاري.

فَقلت: وَالله، مَا وافيت إِلَّا قَاصِدا الْأَمِير، وَلَكِن دوابي تَأَخَّرت، فتوقعت وُرُودهَا، لأصير إِلَى بَاب الْأَمِير عَلَيْهَا.

فَدَعَا بكتب وَردت من مُحَمَّد بن عبد الْملك، وفيهَا كتاب من أَمِير الْمُؤمنِينَ المعتصم، بولايتي دمشق، وَأرَانِي كتابا يُعلمهُ فِيهِ، مَا جنى عَليّ بن إِسْحَاق من قتل رَجَاء بن أبي الضَّحَّاك بِدِمَشْق، وَأَن أَمِير الْمُؤمنِينَ رأى تقليدك، وَطلبت بسر من رأى، فَذكر لَهُ أَنَّك انحدرت إِلَى إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، فَأمر بِتَسْلِيم كتبك إِلَيّ، وَدفع مائَة ألف دِينَار لَك مَعُونَة على خُرُوجك، وأحضر المَال، ووكل بِي من يستحثني على البدار.

فورد عَليّ من السرُور مَا أدهشني، وودعته، وَخرجت إِلَى مُحَمَّد بن الْفضل، فعرفته مَا جرى، وودعته أَيْضا، وأخرجت دنانيره، فرددتها عَلَيْهِ، فَحلف بأيمان غَلِيظَة عَظِيمَة، لَا عَادَتْ إِلَى ملكه أبدا.

وَقَالَ: إِن جَلَست فِي عَمَلك واتسعت، لم أمتنع أَن أقبل مِنْك غير هَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>