للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خالفتني، فَأَنت، وَالله، هَالك.

قَالَ: فَقلت: لَا أخالفك.

قَالَ: الرَّأْي أَن تكْتب خطك بِعشْرَة آلَاف ألف دِرْهَم، تؤديها فِي عشرَة أشهر، عِنْد انْقِضَاء كل شهر ألف ألف دِرْهَم، وتترفه عَاجلا مِمَّا أَنْت فِيهِ.

فَسكت سكُوت مبهوت، فَقَالَ لي: مَا لَك؟ .

فَقلت لَهُ: وَالله، مَا أرجع إِلَى ربعهَا، إِلَّا بعد بيع عقاري، وَمن يَشْتَرِي مني وَأَنا منكوب، وَكَيف يتوفر لي الثّمن وَأَنا على هَذِه الْحَالة؟ .

فَقَالَ: أَنا أعلم أَنَّك صَادِق، وَلَكِن احرس نَفسك عَاجلا بِعظم مَا تبذله، ويطمع فِيهِ من جهتك، وَأَنا من وَرَاء الْحِيلَة لَك فِي شَيْء أميل بِهِ رَأْي الْخَلِيفَة من جهتك، يعود إِلَى صلاحك، وَالله الْمعِين، وَمن سَاعَة إِلَى سَاعَة فرج، وَلَا تتعجل الْمَوْت، وَلَو لم تستفد إِلَّا الرَّاحَة مِمَّا أَنْت فِيهِ يَوْمًا وَاحِدًا، لكفى.

قَالَ: فَقلت: لست أتهم ودك وَلَا رَأْيك، وَأَنا أفعل مَا تَقول.

فَأقبل على الْجَمَاعَة، وَقَالَ: يَا سادتي، إِنِّي قد أَشرت عَلَيْهِ أَن يكْتب خطه بِشَيْء لَا يطيقه، فضلا عَمَّا هُوَ أَكثر مِنْهُ، ورجوت أَن نعاونه بِأَمْوَالِنَا وجاهنا، ليمشي أمره، وَقد واقفته ليكتب بِكَذَا وَكَذَا.

فَقَالُوا: الصَّوَاب لَهُ أَن يفعل هَذَا.

فَدَعَا لي بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاس، وَأخذ خطي بِالْمَالِ على نجومه، فَلَمَّا أَخذه، قَامَ قَائِما، وَقَالَ لإسحاق: يَا سَيِّدي، هَذَا رجل قد صَار عَلَيْهِ للسُّلْطَان، أعزه الله، مَال، وسبيله أَن يرفه، وتحرس نَفسه، وينقل من هَذِه الْحَال

<<  <  ج: ص:  >  >>