للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: يَقُوله طريح.

فامتلا غيظا وغضبا، ثمَّ قَالَ: والهف أم لم تلدني، قد جعلته أول دَاخل عَليّ، وَآخر خَارج عني، وَيَزْعُم أَن هشاما يحمل الْمَدْح، وَأَنِّي لَا أحملها.

ثمَّ قَالَ: عَليّ بالحاجب.

فجَاء، فَقَالَ لَهُ: لَا أعلم أَنَّك أَذِنت لطريح، وَلَا أرَاهُ فِي بسيط الأَرْض، فَإِذا جادلك فِي ذَلِك، فاخبطه بِالسَّيْفِ.

فَلَمَّا صليت الْعَصْر، جَاءَ طريح فِي السَّاعَة الَّتِي كَانَ يُؤذن لَهُ فِيهَا، فَدَنَا من الْبَاب ليدْخل، فَقَالَ لَهُ الْحَاجِب: وَرَاءَك.

فَقَالَ: مَا لَك، هَل دخل على ولي الْعَهْد أحد بعدِي؟ قَالَ: لَا، وَلَكِن سَاعَة وليت من عِنْده، دَعَاني، فَأمرنِي أَن لَا آذن لَك، وَإِن جادلتني فِي الْإِذْن خبطتك بِالسَّيْفِ.

فَقَالَ لَهُ: لَك عشرَة آلَاف دِرْهَم، وأدخلني.

فَقَالَ لَهُ الْحَاجِب: وَالله، لَو أعطيني خراج الْعرَاق مَا أَذِنت لَك، وَمَا لَك خير فِي الدُّخُول، فَارْجِع.

فَقَالَ: وَيحك، هَل تعلم من دهاني عِنْده؟ قَالَ: لَا وَالله، لقد دخلت عَلَيْهِ، وَمَا عِنْده أحد، وَلَكِن الله تَعَالَى يحدث مَا يَشَاء، فِي اللَّيْل وَالنَّهَار.

فَرجع طريح، وَأقَام بِبَاب الْوَلِيد سنة، لَا يخلص إِلَيْهِ، وَلَا يقدر على الدُّخُول عَلَيْهِ، وَأَرَادَ الرُّجُوع إِلَى وَطنه وَقَومه.

<<  <  ج: ص:  >  >>