للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأسرف بعد ذَلِك فِي الإسماع، فَعلمت أَنه قد بغى، ووثقت بجميل عَادَة الله تَعَالَى، وَأَنه سيبلغني مَا آمله فِيك عنادا لبغيه.

قَالَ: وَلم تمض إِلَّا مُدَّة يسيرَة، حَتَّى سخط المتَوَكل على مُحَمَّد بن عبد الْملك، وقلدني مناظرته، وإحصاء مَتَاعه، فوافيت دَاره، فَرَأَيْت ذَلِك الْخَادِم بِعَيْنِه، وَمَعَ ذَلِك الصَّبِي يبكي.

فَقلت: مَا خبر هَذَا الصَّبِي يبكي؟ فَقيل: قد منع من كل مَاله، وَأدْخل فِي الإحصاء.

فَقلت: لَا بَأْس عَلَيْهِ، وسلمت إِلَيْهِ جَمِيع مَا كَانَ باسمه.

فَيَنْبَغِي، يَا بني، إِن تهيأت لَك حَال، وَرَأَيْت الصَّبِي عمر بن مُحَمَّد بن عبد الْملك، أَن تحسن إِلَيْهِ، وَأَن تقَابل نعْمَة الله فِيهِ وفيك، بِمَا يجب لَهَا.

فَلَمَّا رَأَيْته هَذَا الْوَقْت، ذكرت مَا قَالَه أبي، فامتثلت مَا أَشَارَ بِهِ، وَأَنا أتقدم بعد الَّذِي فعلت بِهِ، إِلَى أبي الْحُسَيْن بتصريفه.

وَكَانَت لعمر حَرَكَة قويت بهَا حَاله عِنْد أبي الْحُسَيْن، إِلَى أَن اسْتَخْلَفَهُ فِي دَار أبي النَّجْم بدر، وَبَين يَدَيْهِ.

حَدثنِي أَبُو الْحُسَيْن عَليّ بن هِشَام بن عبد الله الْكَاتِب، قَالَ: حَدثنِي أَبُو عَليّ بن مقلة، قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن سعيد الديناري.

قَالَ أَبُو الْحُسَيْن: وحَدثني أَبُو عبد الله زنجي، قَالَ: حَدثنِي أَبُو الْعَبَّاس ابْن الْفُرَات، قَالَ: وحَدثني أَبُو عبد الله الباقطائي، قَالُوا كلهم: كُنَّا بِحَضْرَة عبيد الله بن سُلَيْمَان، أول وزارته للمعتضد، وَقد حضر رجل رث الْهَيْئَة، بِثِيَاب غِلَاظ، فَعرض عَلَيْهِ رقْعَة، وَكَانَ جَالِسا للمظالم، فقرأها

<<  <  ج: ص:  >  >>