للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيَّام جُلُوسه للمظالم، فَوَقَعت بِيَدِهِ قصَّة، فقرأها، وَتوقف سَاعَة كالمفكر، ثمَّ قَالَ: عمر بن مُحَمَّد بن عبد الْملك، فَأدْخل إِلَيْهِ.

فَقَالَ: أَنْت عمر؟ قَالَ: نعم، أعز الله الْوَزير، أَنا عمر بن مُحَمَّد بن عبد الْملك.

فتوقف أَيْضا سَاعَة، ثمَّ قَامَ إِلَى خلوته، وَلم يطلّ، وَعَاد إِلَى مَوْضِعه، فَوَقع لَهُ بجار، وَنزل، وصلَة، وَلم يزل مفكرا، إِلَى أَن تقوض النَّاس، وخلا الْمجْلس مِمَّن يحتشم.

فَقَالَ لنا: وقفتم على خبر هَذَا الرجل؟ قُلْنَا: وقفنا على مَا كَانَ من أَمر الْوَزير ببره، وَلم نقف على السَّبَب.

فَقَالَ: أخْبركُم بحَديثه، حَدثنِي أَبُو أَيُّوب رَحمَه الله، قَالَ: كنت فِي يَد مُحَمَّد بن عبد الْملك الزيات، يطالبني، وَأَنا منكوب، وَكَانَ يحضرني فِي كل يَوْم، بِغَيْر سَبَب، وَلَا مُطَالبَة، إِلَّا ليكيدني، وَأَنا فِي قيودي، وَعلي جُبَّة صوف، وَكَانَ أخي الْحسن يكْتب بَين يَدَيْهِ، وَلم يكن يتهيأ لَهُ شَيْء فِي أَمْرِي، إِلَّا أَنه كَانَ إِذا رَآنِي مُقبلا استقبلني، فَإِذا رجعت إِلَى موضعي شيعني، إِذْ أقبل فِي يَوْم من الْأَيَّام خَادِم لمُحَمد، وَمَعَهُ ابْن لَهُ صَغِير، فَوَثَبَ كل من فِي الْمجْلس، إِلَى الصَّبِي، يقبلونه، وَيدعونَ لَهُ سواي، فَإِنِّي كنت مَشْغُولًا بنفسي، فَلم أتحرك، وَأخذ الصَّبِي، وضمه إِلَيْهِ، وَقَالَ لي: يَا سُلَيْمَان، لِمَ لَمْ تفعل بِهَذَا الصَّبِي، مَا فعله من فِي الْمجْلس؟ فَقلت: شغلني مَا أَنا فِيهِ.

فَقَالَ: لَا، وَلَكِنَّك لم تطق ذَلِك عَدَاوَة لِأَبِيهِ وَله، وَكَأَنِّي بك، وَقد ذكرت عبيد الله، وأملت فِيهِ الآمال، وَالله لَا رَأَيْت شَيْئا مِمَّا تؤمله فِيهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>