للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْعه من الرَّقِيق، وَكَانَ قيمَة ذَلِك عشرُون ألف ألف دِرْهَم، وسألني أَن أوصل رقعته إِلَى الْمَأْمُون، وأعلمه أَن عمرا قد جعله من ذَلِك كُله فِي حل وسعة.

فَقلت لَهُ: مهلا، فَإِن أَمِير الْمُؤمنِينَ أكبر قدرا من أَن يسلبك مَالك كُله، ونعمتك عَن آخرهَا.

فَقَالَ عَمْرو: إِنَّه لَكمَا وصفت فِي كرمه، وَلَكِن السَّاعِي لَا ينَام عني وَلَا عَنْك، وَقد بَلغنِي مَا أمرت بِهِ فِي أَمْرِي من الغلظة، وَمَا عاملتني بضد ذَلِك، وَقد طبت نفسا بِأَن أَشْتَرِي عدل أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي أَمْرِي، وَرضَاهُ عني، بِجَمِيعِ مَالِي.

فَلم أزل أنزلهُ، حَتَّى وافقته على عشرَة آلَاف ألف دِرْهَم، وَقلت لَهُ: هَذَا شطر مَالك، وَهُوَ صَالح لِلْفَرِيقَيْنِ، وَأخذت خطه بِالْتِزَام ذَلِك صلحا عَن جَمِيع مَا جرى على يَده.

وصرت على الْمَأْمُون، فَوجدت مُحَمَّد بن يزْدَاد، وَقد سبقني إِلَيْهِ، وَهُوَ يكلمهُ، فَلَمَّا رَآنِي قطع الْكَلَام وَخرج.

فَقَالَ لي الْمَأْمُون: يَا فضل.

قلت: لبيْك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ.

قَالَ: مَا هَذِه الجرأة مِنْك علينا؟ قلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أَنا عبد طَاعَتك وغرسك.

فَقَالَ: أَمرتك بالتضييق على النبطي عَمْرو بن بهنوى، فقابلت أَمْرِي بالضد، ووسعت عَلَيْهِ، وأقمت لَهُ الْإِنْزَال.

فَقلت لَهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، إِن عمرا يُطَالب بأموال عَظِيمَة، وَلم آمن أَن أجعَل محبسه فِي بعض الدَّوَاوِين فيبذل مَالا يرغب فِي مثله، فيتخلص، فَجعلت محبسه فِي دَاري، وأشرفت على طَعَامه وَشَرَابه؛ لأحرس لَك نَفسه،

<<  <  ج: ص:  >  >>