فَنمت، فَسمِعت أبي يَقُول لأمي: أرى ثديي ابْنَتك قد تفلكا، وَأرى هَذَا الرُّومِي قد غلظ كَلَامه، وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يجتمعا بعد هَذَا الْوَقْت، فَإِذا جَلَست غَدا مَعَه، فابعثي إِلَيْهِمَا من يفرق بَينهمَا، حَتَّى لَا يَرَاهَا، وَلَا ترَاهُ.
قَالَ البطريق: وَمن سنة البرجان، أَن يكون الرجل يخْطب لابنته زوجا، حَتَّى يُزَوّجهَا، وَلَا يخْطب لَهَا إِلَّا من تختاره الْبِنْت.
قَالَ البطريق: فَقلت لابنَة الْملك، إِذا سَأَلَك أَبوك، من تحبين أَن أَخطب لَك من الرِّجَال فَقولِي: لست أُرِيد إِلَّا هَذَا الرُّومِي.
فَغضِبت، وَقَالَت: كَيفَ يجوز أَن أسأَل أبي أَن يزوجني بِعَبْد؟ قَالَ: فَقلت لَهَا: مَا جعلني الله عبدا، وَأَنا ابْن ملك، وَأبي ملك الرّوم.
قَالَ البطريق: وَأهل البرجان، يسمون البطريق الرُّومِي الَّذِي يتَوَلَّى حد برجان: ملك الرّوم.
فسألتني: هَل أخْبرتهَا بِحَق؟ فأعلمتها أَنه حق.
فَمَا انْقَضى كلامنا، حَتَّى جَاءَ رَسُول الْملك، ففرقوا بَيْننَا، وَلم يمض بعد ذَلِك، إِلَّا ثَلَاثَة أَيَّام حَتَّى دَعَاني الْملك، فَدخلت عَلَيْهِ، فَرَأَيْت أَمَارَات الشَّرّ مستحكمة فِي وَجهه.
فَقَالَ لي: يَا شقي، مَا حملك على الْكَذِب فِي نسبك؟ وَأَنا أحكم على من انتسب إِلَى غير أَبِيه بِالْقَتْلِ.
فَقلت لَهُ: مَا انتسبت إِلَى غير أبي.
فَقَالَ لي: أَتَقول إِنَّك ابْن ملك الرّوم؟ فأعلمته أَنِّي أَقُول ذَلِك، ودعوته إِلَى الْكَشْف عَنهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute