الَّذِي كنت فِيهِ، وخلعت الثِّيَاب الَّتِي كَانَت عَليّ، ولبست ثِيَاب بعض عَبِيدِي، ثمَّ ضربت ببصري يمنة ويسرة، فَلم أر حَولي إِلَّا مقتولا، وَإِذا فَاعل ذَلِك بِأَصْحَابِي منسر من مناسر البرجان.
ثمَّ أسرت كَمَا يؤسر العبيد، وَاحْتمل جَمِيع مَا كَانَ مَعنا، من مضرب وَغَيره، وصاروا بِي إِلَى ملك البرجان.
فَلَمَّا رَآنِي، وَلم يكن لَهُ ولد ذكر، أَمر بالتوسعة عَليّ، وَأَن أكون وَاقِفًا عِنْد رَأسه، وسماني ابْنه.
وَكَانَ للْملك بنت، وَكَانَ بهَا مغرما، وَكَانَ قد علمهَا الفروسية، ومساورة الفرسان، ومساهمتهم ومراكضتهم.
فَقَالَ، وَأَنا حَاضر، لجَماعَة من بطارقته: من مِنْكُم يتَوَجَّه إِلَى ملك الرّوم، فيجيئني بكاتب من بَلَده؛ ليعلم ابْني الْكِتَابَة.
فأعلمته أَن رَسُوله لَا يَأْتِيهِ بأكتب مني.
فَأمرنِي أَن أكتب بَين يَدَيْهِ، فَكتبت، فَاسْتحْسن خطي، وقرنه بكتب كَانَت ترد عَلَيْهِ من وَالِدي، فَرَأى خطي أَجود مِنْهَا، فَدفع إِلَيّ ابْنَته، وَأَمرَنِي أَن أعلمها الْكِتَابَة، فهويتها، وهويتني.
فَمَكثت معي حَتَّى استوفت ثَلَاث عشرَة سنة، ثمَّ عدت إِلَيّ يَوْمًا وَهِي باكية، فَقلت لَهَا: مَا يبكيك يَا سيدتي؟ فَقَالَت: دَعْنِي، يحِق لي الْبكاء، فسألتها عَن السَّبَب.
فَقَالَت: كنت جالسة بَين يَدي أبي وَأمي فِي هَذِه اللَّيْلَة، فغلبتني عَيْني،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute