وحَدثني أبي رَحمَه الله بِهَذَا الحَدِيث، على أتم من هَذَا، بِإِسْنَاد ذكره عَن ابْن حمدون النديم، قَالَ: حَدثنِي أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن أَحْمد بن حمدون، أَو قَالَ: حَدثنِي من قَالَ حَدثنِي أَبُو مُحَمَّد، أَنا أشكك؛ لِأَنِّي لم أكتبه، وَإِنَّمَا حفظته فِي المذاكرة، وَلَعَلَّ الْأَلْفَاظ تزيد أَو تنقص، قَالَ: قَالَ لي المعتضد بِاللَّه، وَهُوَ خَليفَة: لما قدم أبي، وَهُوَ عليل، الْعلَّة الَّتِي مَاتَ فِيهَا، وَأَنا فِي حَبسه، ازْدَادَ خوفي على نَفسِي، وَلم أَشك فِي أَن إِسْمَاعِيل بن بلبل، سيحمله على قَتْلِي، أَو يحتال بحيلة يسفك بهَا دمي، إِذا وجد أبي قد ثقل، وأيس مِنْهُ.
فَنمت لَيْلَة من تِلْكَ اللَّيَالِي، وَأَنا من الْخَوْف على أَمر عَظِيم، وَقد صليت صَلَاة كَثِيرَة ودعوت الله عز وَجل، فَرَأَيْت فِي مَنَامِي كأنني قد خرجت إِلَى شاطئ دجلة، فَرَأَيْت رجلا جَالِسا على الشاطئ، يدْخل يَده فِي المَاء، فَيقبض عَلَيْهِ، فتقف دجلة، وَلَا يخرج من تَحت يَده قَطْرَة من المَاء، حَتَّى يجِف مَا تَحت يَده، ويتزايد المَاء فَوق يَده وَيقف كالطود الْعَظِيم، ثمَّ يخرج يَده من المَاء فَيجْرِي، يفعل ذَلِك مرَارًا، فهالني مَا رَأَيْت.
فدنوت مِنْهُ، وسلمت عَلَيْهِ، وَقلت لَهُ: من أَنْت يَا عبد الله الصَّالح؟ فَقَالَ: أَنا عَليّ بن أبي طَالب.