فَدخل عَليّ رجل خراساني، فَسلم، وَقَالَ: أَنْت أَبُو حسان؟ قلت: نعم، فَمَا حَاجَتك؟ قَالَ: أَنا رجل غَرِيب، أُرِيد الْحَج، وَمَعِي جملَة مَالِي، وَهُوَ عشرَة آلَاف دِرْهَم، وَقد أحضرته فِي بدرة معي أَسأَلك أَن تقبضها وتدعها قبلك، إِلَى أَن أَقْْضِي حجي، وأرجع، فَإِنِّي غَرِيب، وَمَا أعرف أحدا فِي هَذَا الْبَلَد.
فَقلت: هَات البدرة.
فسلمها إِلَيّ، وَخرج بعد أَن وزن مَا فِيهَا.
فَلَمَّا خرج، فتحتها على الْفَوْر، وأحضرت المعاملين، فَقضيت جَمِيع ديوني، واتسعت بِالْبَاقِي، وَقلت: أضمنها فِي مَالِي إِلَى أَن يعود من الْحَج، وَإِلَى أَن يَجِيء، يَأْتِي الله بفرج من عِنْده.
فَكنت فِي يومي ذَاك، فِي سَعَة، وَأَنا فَرح، لست أَشك فِي خُرُوج الْخُرَاسَانِي.
فَلَمَّا أَصبَحت من الْغَد، دخل عَليّ الْغُلَام، فَقَالَ: الْخُرَاسَانِي الَّذِي أودعك البدرة، بِالْبَابِ.
فَقلت: أدخلهُ.
فَدخل، وَقَالَ: اعْلَم أَنِّي كنت عَازِمًا على الْحَج، ثمَّ ورد عَليّ خبر وَفَاة أبي، وَقد عزمت على الرُّجُوع إِلَى بلدي، فتفضل عَليّ بِإِعَادَة البدرة الَّتِي أَعطيتك أمس.
فورد عَليّ أَمر عَظِيم، لم يرد عَليّ مثله قطّ، وتحيرت، وَلم أدر بِمَا أُجِيبهُ، ثمَّ فَكرت، فَقلت: مَاذَا أَقُول لَهُ؟ إِن جحدته قدمني إِلَى القَاضِي، واستحلفني
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute