فَكَانَت الفضيحة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة والهتك، وَإِن دافعته صَاح وهتكني.
فَقلت لَهُ: نعم، عافاك الله، إِن منزلي هَذَا لَيْسَ بالحريز، وَلما أخذت مِنْك البدرة، أنفذتها إِلَى مَوضِع أحرز مِنْهُ، فتعود إِلَيّ غَدا، لأسلمها إِلَيْك.
فَانْصَرف، وَبقيت متحيرا، لَا أَدْرِي مَا أعمل، وَعظم عَليّ الْأَمر جدا، فأدركني اللَّيْل، وفكرت فِي بكور الْخُرَاسَانِي، فَلم يأخذني النّوم، وَلَا قدرت على الغمض.
فَقُمْت إِلَى الْغُلَام، فَقلت: أَسْرج البغلة.
فَقَالَ: يَا مولَايَ، هَذَا أول اللَّيْل، إِلَى أَيْن تمْضِي؟ فَرَجَعت إِلَى فِرَاشِي، فَإِذا النّوم مُمْتَنع عَليّ، فَلم أزل أقوم إِلَى الْغُلَام، وَهُوَ يردني، حَتَّى فعلت ذَلِك مَرَّات، وَأَنا لَا يأخذني الْقَرار.
وطلع الْفجْر، فأسرج الْغُلَام البغلة، فركبت، وَأَنا لَا أَدْرِي إِلَى أَيْن أتوجه، فطرحت عنان البغلة، وَأَقْبَلت أفكر وَهِي تسير، حَتَّى بلغت الجسر فعدلت بِي إِلَيْهِ، فتركتها فعبرت.
ثمَّ قلت: إِلَى أَيْن أعبر، إِلَى أَيْن أتوجه؟ وَلَكِن إِن رجعت، رَأَيْت الْخُرَاسَانِي على بَابي، وَلَكِن أدعها تمْضِي حَيْثُ شَاءَت، فمضت البغلة، فَلَمَّا عبرت البغلة الجسر، أخذت بِي يمنة، نَاحيَة دَار الْمَأْمُون، وتركتها،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute