فَلَمَّا رَآنِي قَائِما لم يستجلسني، وَقَالَ لِخَادِمِهِ: عَليّ بِصَاحِب الشرطة السَّاعَة.
فمت جزعا، وَقلت فِي نَفسِي وَأَنا وَاقِف بَين يَدَيْهِ: لم تجر عَادَته فِي العربدة باستدعاء صَاحب الشرطة، وَمَا هَذَا إِلَّا لبلية قد احتيل بهَا عَليّ عِنْده.
فَأَقْبَلت أنظر إِلَيْهِ طَمَعا أَن يفاتحني بِكَلِمَة، فأداريه فِي الْجَواب، وَهُوَ لَا يرفع رَأسه عَن الأَرْض، إِلَى أَن جَاءَ صَاحب الشرطة، فَرفع رَأسه إِلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ: فِي حَبسك رجل يعرف بفلان بن فلَان الْجمال؟ وَفِي رِوَايَة: يعرف بمنصور الْجمال؟ قَالَ: نعم.
قَالَ: أحضرنيه السَّاعَة.
فَمضى ليحضره، فسهل عَليّ الْأَمر قَلِيلا، ووقفت، وَهُوَ لَا يخاطبني بِشَيْء، إِلَى أَن أحضر الرجل.
فَقَالَ لَهُ الْمُعْتَمد: من أَنْت؟ قَالَ: أَنا مَنْصُور بن فلَان الْجمال.
قَالَ: وَمَا قصتك؟ قَالَ: أَنا مظلوم، حبست مُنْذُ كَذَا وَكَذَا سنة، وَأَنا رجل من أهل الْجبَال، كَانَ لي جمال أعيش من فضل أجرتهَا.
وَكَانَ يتقلد بلدنا فلَان الْعَامِل، فاستدعي إِلَى الحضرة، فَأخذ جمالي غصبا يَسْتَعِين بهَا فِي حمل مَتَاعه.
فتظلمت إِلَيْهِ وَصحت، فَلم يَنْفَعنِي ذَلِك، وَقَالَ: إِذا صرت بالحضرة رَددتهَا عَلَيْك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute