فَخرجت مَعَه لِئَلَّا تذْهب الْجمال أصلا، فَكنت مَعَ جمالي أخدمها فِي الطَّرِيق.
فَلَمَّا قربنا من حلوان سل الأكراد مِنْهَا جملا محملًا، فَبَلغهُ الْخَبَر، فأحضرني، وَقَالَ: أَنْت سرقت الْجمل بِمَا عَلَيْهِ، فَقلت: غلمانك يعلمُونَ أَن الأكراد سلوه.
فَقَالَ: الأكراد إِنَّمَا جَاءُوا بمواطأة مِنْك، ثمَّ أَمر بضربي، وتقييدي، وطرحي على بعض جمالي.
فَلَمَّا وردنا الحضرة أنفذت إِلَى الْحَبْس، وَأخذ الْجمال، وَلم يكن لي متظلم، وَلَا مُذَكّر وَلَا مُتَكَلم، فطال حبسي، وطالت بِي المحنة إِلَى الْآن.
فَقَالَ لبَعض الخدم: امْضِ السَّاعَة إِلَى فلَان الْعَامِل، واقعد على دماغه، وَلَا تَبْرَح، أَو يرد عَلَيْهِ جماله أَو قيمتهَا على مَا يُرِيد، فَإِذا قبض ذَلِك، فاحمله إِلَى الخزانة، واكسه كسْوَة حَسَنَة، وادفع إِلَيْهِ كَذَا وَكَذَا دِينَارا، واصرفه مصاحبا.
ثمَّ قَالَ لصَاحب الشرطة: فِي حَبسك رجل يعرف بفلان بن فلَان الْحداد؟ قَالَ: نعم، قَالَ: أحضرنيه السَّاعَة، فَأحْضرهُ.
فَقَالَ لَهُ: مَا قصتك؟ قَالَ: أَنا رجل حبست بظُلْم، أَنا رجل من أهل الشَّام، وَكَانَت لي نعْمَة فَزَالَتْ، فهربت من بلدي واتصلت محنتي إِلَى أَن وافيت الحضرة طلبا للتَّصَرُّف، فَتعذر عَليّ حَتَّى كدت أتلف جوعا.
فسالت عَن عمل أعمله لَيْلًا لأتوفر نَهَارا على طلب التَّصَرُّف، وَأنْفق فِي النَّهَار مَا أكسبه لَيْلًا، فأرشدت إِلَى حداد يعْمل لَيْلًا، فقصدته، فاستأجرني
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute