فَقلت: هَذِه عناية من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأمير الْمُؤمنِينَ، واهتمام بِمَا يصلح دينه، وَيثبت ملكه، ومنة عَظِيمَة عَلَيْهِ، لله عز وَجل وَلِرَسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
فَقَالَ: امْضِ فقد أزعجناك، فعدت إِلَى حُجْرَتي.
فَلَمَّا كَانَ من الْغَد عشيا، دخلت إِلَيْهِ وَهُوَ جَالس للشُّرْب على الرَّسْم فَأَحْبَبْت أَن أعرف الجلساء مَا جرى البارحة، ليسر هُوَ بذلك، وَكنت أعرف من طبعه أَنه يحب الإطراء والمدح، وَنشر مَا هَذَا سَبيله، فَإِنَّهُ إِذا عمل جميلا أَكثر من ذكره، وتبجح بِهِ، وَإِن كَانَ صَغِيرا.
فَقلت لَهُ: إِن رأى أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن يخبر خدمه، بِمَا كَانَ من المعجزة البارحة، وعناية رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بخلافته.
فَقَالَ: وَمَا ذَاك؟ فَقلت: إحضاري البارحة، وإحضار صَاحب الشرطة، وَالْجمال، والحداد، ورؤياه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمَا أمره بِهِ فيهمَا، وَمَا تقدم بِهِ إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ من إنصافهما.
فَقَالَ: وَالله مَا أذكر من هَذَا شَيْئا، وَمَا كنت إِلَّا سَكرَان، ونائما طول لَيْلَتي، وَمَا انْتَبَهت.
فَقلت: بلَى يَا سَيِّدي.
فتنكر، وَقَالَ: يَابْنَ حمدون قد صرت تغالطني وتخادعني بِالْكَذِبِ؟