سرنا، فَلِأَن نسير فِي طلب الْخَلَاص فَلَعَلَّ الله أَن يَرْحَمنَا ويخلصنا، أولى من أَن نموت هَهُنَا، وَإِن متْنا فِي سيرنا كَانَ أعذر.
فساعدوني، وسرنا يَوْمنَا وليلتنا، وَأَنا أحمل الصبية ابْنة أخي؛ لِأَن أمهَا عجزت عَن حملهَا، وَكلما طَال علينا الطَّرِيق، وَلم نر إنْسَانا وَلَا محجة، أحسسنا بِالْهَلَاكِ، وَمَات منا قوم، وَأَنا خلال ذَلِك، قد بدأت بِقِرَاءَة ختمة، وَأَنا متشاغل بهَا، وبالدعاء.
إِلَى أَن وقعنا فِي الْيَوْم الثَّانِي، على حلَّة أَعْرَاب، فأنكرونا، فَلم أعمل عملا، حَتَّى ولجت بَيت امْرَأَة مِنْهُم، فَأَمْسَكت ذيلها، وَكنت سَمِعت أَن الْإِنْسَان إِذا عمل ذَلِك أَمن شرهم، وَوَجَب حَقه عَلَيْهِم، ثمَّ تفرقنا فِي الْبيُوت.
وَاخْتلفت أَحْوَال النَّاس، فَأَما أَنا، فَإِن صَاحب الْبَيْت الَّذِي نزلت عَلَيْهِ، لما رأى هيبتي ودرسي لِلْقُرْآنِ، أكرمني، وَلم أزل أحادثه وأرفق بِهِ.
فَقَالَ لي: مَا تشَاء؟ فَقلت: تركبني وَهَذِه الْمَرْأَة، وَهَذِه الصبية رَاحِلَة، وتسير مَعنا إِلَى دمشق على رَاحِلَة أُخْرَى، بزاد وَمَاء، حَتَّى أُعْطِيك ثمن راحلتك وأهبها لَك، وأقضي حَقك بعد هَذَا.
قَالَ: فتذمم واستحيا، وقدرت أَنِّي إِذا دخلت دمشق، وجدت بهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute