من أصدقاء أخي، من آخذ مِنْهُ مَا أُرِيد.
فكساني الْأَعرَابِي، وكسا الْمَرْأَة والصبية، ووطأ لي رَاحِلَة، وَحمل مَعنا من المَاء والزاد كفايتنا، وَركب هُوَ رَاحِلَة أُخْرَى، وَكَانَ أَكثر من وصل مَعنا إِلَى ذَلِك الْموضع، قد تَأتي لَهُ مثل مَا تَأتي لي، فصرنا رفْقَة صَالِحَة الْعدَد.
فَلَمَّا كَانَ بعد أَيَّام، شارفنا دمشق مَعَ طُلُوع الشَّمْس، فَإِذا بِأَهْلِهَا قد خَرجُوا يستقبلوننا، وكل من لَهُ صديق أَو معرفَة، يسْأَل عَنهُ، وَقد بَلغهُمْ خبر الْقطع، فَمَا شَعرت إِلَّا بِإِنْسَان يسْأَل عني، بكنيتي ونسبي.
فَقلت: هأناذا.
فَعدل إِلَيّ، وَقَالَ: أَنْت أَبُو مُحَمَّد الْأَزْرَق الْأَنْبَارِي؟ فَقلت: نعم.
فَقَالَ: إِلَيّ، وَأخذ بِخِطَام رَاحِلَتي، وتبعني الْأَعرَابِي براحلته، حَتَّى دَخَلنَا مَعَ الرجل دمشق.
فجَاء بِنَا الرجل، إِلَى دَار حَسَنَة سَرِيَّة، تدل على نعْمَة حَسَنَة، فأنزلنا، وَلم أَشك أَنه صديق لأخي.
فَنزلت، وأنزلت الْأَعرَابِي معي، وَأخذت جمالنا، وأدخلنا الْحمام، وألبست خلعة نظيفة، وَفعل بِالْمَرْأَةِ والصبية مثل ذَلِك، وأقمت عِنْده يَوْمَيْنِ فِي خفض عَيْش، لَا أسأله عَن شَيْء، وَلَا يسألني.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute