فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّالِث، قَالَ: مَا صُورَة هَذَا الْأَعرَابِي مَعَك؟ فَأَخْبَرته بِمَا أَخذنَا مِنْهُ.
فَقَالَ لي: خد مَا تُرِيدُ من المَال.
فَقلت: أُرِيد كَذَا وَكَذَا دِينَارا، فَأَعْطَانِي ذَلِك، فَدَفَعته إِلَى الْأَعرَابِي، وسلمت إِلَيْهِ جمليه.
وَسَأَلت الرجل أَن يزوده زادا كثيرا، لَا يكون مثله فِي الْبَادِيَة، فَأخْرج لَهُ شَيْئا كثيرا، وَخرج الْأَعرَابِي شاكرا.
فَقَالَ لي الرجل: إِلَى أَيْن تُرِيدُ من الْبِلَاد، وَكم يَكْفِيك من النَّفَقَة؟ فَلَمَّا قَالَ لي ذَلِك، ارتبت بِهِ، وَقلت: لَو كَانَ هَذَا من أصدقاء أخي الَّذين كاتبهم بتفقدي، لَكَانَ يعرف مقصدي.
فَقلت لَهُ: كم كاتبك أخي أَن تدفع إِلَيّ؟ قَالَ: وَمن أَخُوك؟ قلت: أَبُو يَعْقُوب الْأَزْرَق الْأَنْبَارِي، الْكَاتِب بِمصْر.
فَقَالَ: وَالله، مَا سَمِعت بِهَذَا الِاسْم قطّ، وَلَا أعرفهُ.
فورد عَليّ أعجب مورد، وَقلت لَهُ: يَا هَذَا، إِنِّي ظننتك صديقا لأخي، وَأَن مَا عاملتني بِهِ من الْجَمِيل من أَجله، فانبسطت إِلَيْك بِالطَّلَبِ، وَلَو لم أعتقد هَذَا لانقبضت، فَمَا السَّبَب فِيمَا عاملتني بِهِ؟ فَقَالَ: أَمر هُوَ أوكد من أَمر أَخِيك، يجب أَن يكون انبساطك إِلَيْهِ أتم.
فَقلت: مَا هُوَ؟ قَالَ: إِن خبر الْوَقْعَة بالقافلة الَّتِي كنت فِيهَا، بلغنَا فِي يَوْم كَذَا وَكَذَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute